في الترجيح هو التقيّة، و إلا فلو كان الوجه كون [1] الرشد في خلافهم يكون من المرجّح المضموني، بل قد عرفت سابقا أنّه- بناء على الأول أيضا- من المرجّح المضموني، لأنّ الجهة لا تصير موردا للرجحان حقيقة [2]، بل المورد له هو المضمون.
هذا؛ و بعضهم عدّها من المرجّح المتني؛ كصاحب الفصول [3] إلا أنّ تقسيمه كان باعتبار المرجّح لا مورد الرجحان، فيشكل عليه بأنّ الأولى أن يعدّها من المرجّحات الخارجيّة، كما صنعه بعضهم؛ إذ لا فرق بينها و بين موافقة الكتاب و السنّة، و لعلّ نظره في أنّ المرجّح هو الكتاب [4]، و هو أمر خارج عن الخبر، بخلاف المقام فإنّ المرجح ليس قول العامّة؛ بل موافقة الخبر و مخالفته، و هما راجعان إلى نفس الخبر، و الأمر سهل.
ثمّ إنّه لا ينبغي الإشكال في الترجيح بمخالفة العامّة في الجملة، لكن عن المفيد منع ذلك، و أنّه ليس من المرجّحات، حيث إنّه في بعض المسائل الفقهيّة المتعارض فيها النصّان- بعد ما نقل عن بعض الأخذ بأحدهما [5] لمخالفة العامّة، لقوله (عليه السلام) «ما جاءكم عنّا من حديثين مختلفين فخذوا بأبعدهما من قول العامّة» [6]- قال ما مضمونه:
إنّ معنى هذا الخبر أنّه إذا جاءكم منّا ما يكون متضمنا للترحيم على أحد خصماء الدين، أو لرؤساء المنكرين، و جاءكم عنّا أيضا ما يتضمن ذمّهم و لعنهم فخذوا بأبعدها [7] من قول العامّة، و هو الأخير.
فليس المراد الترجيح في تعارض الخبرين في الأحكام الفرعيّة، و مقتضى هذا الكلام إنكار الترجيح بمخالفة العامّة، لكنّه [8] يحكى عنه قول آخر سيأتي الإشارة