موجودة في الواقع، و المفروض عدم العلم بها، فيجوز له العمل بالظنّ في تحصيلها فإنّ باب العلم بالواقع منسد، و إنّما المنفتح باب العلم بالطرق، بناء على حجيّة خبر الواحد، و إذا فرضنا أنّ غالب أخبار الآحاد متعارضة، و أنّ الغالب وجود التراجيح الواقعيّة الغير المعلومة، فيرجع الأمر إلى انسداد باب العلم [1] بالأحكام و بالطرق، و مقتضى القاعدة حينئذ التخيير بين العمل بالظن بالواقع أو بالطريق، خلافا لصاحب الفصول [2]؛ حيث يعيّن العمل بالظن بالطريق، و المحقق [3] الشريف [4]، وفاقا للمحقق القمي حيث يقولان بتعين العمل بالظنّ بالواقع [5].
فنحن و إن لم نقل بحجيّة مطلق الظنّ أولا إلا أنّه إذا فرض الأمر كما قلنا- من انسداد باب العلم بالتراجيح- فنرجع إلى العمل بالظن، و حيث إنّ الواقع لم يقيّد بالطريق، و أنّ الشارع جعل لنا هذه الطرق في عرض الواقع، فنكون مخيّرين بين العمل بالظن بالواقع، أو بالطريق، و لا يرجع إلى الظن المانع و الممنوع كما لا يخفى؛ لأنّ الظنّ بأنّ راوي هذا الخبر أعدل، و إن كان ظنّا بالمسألة الأصوليّة إلا أنّه ليس باقيا، لحجيّة الظن بالواقع إذا فرض حصوله من الخبر الآخر، فالمقام- على [6] الفرض المذكور- نظير ما إذا علمنا بحجيّة خبر العادل و لم يمكن لنا تحصيل العلم بعدالة الرواة كليّة، أو انسد [7] باب العلم بجميع التراجيح بشرط آخر من شروط حجيّة الخبر؛ هذا إذا انسد باب العلم بجميع التراجيح.
و أمّا إذا انفتح باب العلم بجميعها إلا واحدا مثلا، فلا يجوز فيه العمل بالظنّ بل يرجع- مع عدم العلم الإجمالي- إلى إطلاق أخبار التخيير إن أمكن نفيه بالأصل، و إلى الأصل إن لم يمكن، و مع العلم الإجمالي بوجود ذلك المرجّح في كثير من