و لمّا كان البحث عنها بعد الفراغ عن سائر الأبحاث، كان المناسب جعلها خاتمة، فما عن التهذيب [1] من ذكرها قبل الأصول العمليّة لا وجه له، و لذا أورد عليه السيد العميدي بذلك، و عدم جريان بعض أحكام التعارض كالتخيير و الترجيح فيها لا يوجب عدم جريان أصل التعارض [2].
الثاني: التعارض
لغة من العرض و هو بمعنى الظهور و الإظهار، و ضد الطول و المتاع، و إن كان قد يحرّك على هذا المعنى، ففي المقرب [3] عرض أي أتى العروض [4]، و له كذا يعرض- بالكسر- ظهر و بدا، عرض كسمع، و الشيء له: أظهره عليه و أراه إيّاه، إلى أن قال:
[5] و العرض المتاع، و يحرّك، و كل شيء سوى النقدين، و الجبل أو سفحه أو ناصيته [6]، إلى أن قال: و خلاف الطول، و منه دعاء عريض [7]، و قال: و عارضه و جانبه و عدل عنه، و سار حياله، و الكتاب: قابله .. إلى أن قال [8]: و فلانا بمثل صنيعه: أتى إليه مثل ما أتى، و منه المعارضة كأنّ عرض فعله كعرض فعله.
و يمكن أخذه من العرض بمعنى الظهور و الإظهار، كأنّ كلا من المتعارضين يظهر للآخر أو يظهر نفسه للآخر، و الأنسب أخذه من العرض بمعنى خلاف الطول، كأنّ كلا من المتعارضين يجعل نفسه في عرض الآخر، و كونه معنى اسميّا لا يضر بعد استعمال فعله بهذا المعنى أيضا كثيرا، على ما يظهر من الاستعمالات المذكورة في القاموس [9]، و يظهر منه أيضا أخذه من هذا المعنى، حيث إنّه و المعارضة بمعنى
[1] تهذيب الوصول- للعلّامة الحلي- مخطوط، و تقوم مؤسسة آل البيت بتحقيقه، و قد اتخذ نفس الترتيب في مبادئ الوصول- 231- فيرد عليه نفس الإشكال من السيد العميدي.