المصلحة المقتضية للجعل و للوجوب التعييني، و إن لم تبق تلك المصلحة في صورة المعارضة، و كان اللازم الأخذ بأحدهما بلا عنوان، أو تخييرا.
و فيه: أنّ التخيير فرع إمكان تعميم الخطاب و إرادة الوجوب التعييني حقيقة حتى يحكم العقل- بعد العجز عن الامتثال- بالعمل بقدر الإمكان، و المفروض عدم إمكان ذلك، و الحمل على إرادة التوطئة- مع أنّه خلاف الظاهر، و محتاج إلى القرينة، و لا يكفيه مجرّد العموم الظاهر في العيني الغير الممكن إرادته- إنّما يصح إذا كان الأمر كذلك في غير صورة المعارضة أيضا، و إلا لزم الاستعمال في أكثر من معنى [1]، حيث إنّ المراد من الإيجاب في غير صورة المعارضة الإيجاب الحقيقي، و في صورة المعارضة الإيجاب التوطؤ المجازي.
فتحصل أنّه لو قلنا بإمكان جعل المتعارضين فالأدلّة شاملة لكل من المتعارضين بظاهرها من الوجوب التعييني على فرض جعل المؤدى، أو المرآتية و الكاشفيّة التعيينيّة على فرض كون المجعول هو الحكم الوضعي، و اللازم على الأول الحكم بالتخيير عقلا، و على الثاني التساقط، و لو قلنا بعدم الإمكان كما هو المختار على فرض كون المجعول مؤدّيات الأخبار، فلا يمكن شمولها لهما؛ لا عينا لعدم الإمكان و لا تخييرا لكونه خلاف ظاهرها، و لا بإرادة القدر المشترك لذلك أيضا.
الرابع: [هل أنّ اعتبار الأخبار من باب الطريقيّة أو الموضوعيّة؟]
في أنّ الأخبار معتبرة من باب الطريقيّة أو الموضوعيّة و السببيّة؟ و لا بدّ أولا من تصويرهما فنقول: أمّا الطريقيّة فهي عبارة عن كون اعتبار الخبر من جهة كونه موصلا إلى الواقع، و هو متصور على وجهين؛ لأنّه إمّا أن لا تكون هناك مصلحة إلا في الجعل، و لو كانت مصلحة التسهيل على العباد، و كانت المصلحة في الواقع، و لو خالف الواقع يفوت بلا شيء، أو يتداركه الشارع من الخارج تفضلا؛ إذا كان الجعل في حال الانفتاح، و إمّا أن تكون المصلحة في تطبيق العمل على الطريق؛ على فرض المخالفة، لا في المؤدى.
و أمّا الموضوعيّة فيمكن تصويرها بوجوه:
[1] كتبت في النسخ المعتمدة هكذا «معنيين»؛ و الظاهر أنّه اشتباه، أو المراد معيّنين.