و وعدوه بالنّصرة و أكّدوا عليه في طلب القدوم عليهم، فأرسل إليهم ابن عمّه مسلم بن عقيل (عليه السلام) فبايعوه للحسين (عليه السلام)، و بلغ الخبر إلى يزيد فأرسل إلى عبيد اللّه بن زياد، و كان واليا على البصرة، يأمره بالمضيّ إلى الكوفة، و ببذل [1] الجهد في قتل مسلم بن عقيل، فانتقل إلى الكوفة فلم يزل يتهدّد الناس بأجناد الشام، و يعدهم بالجوائز و الإكرام، حتّى نقضوا بيعة الحسين (عليه السلام) و بايعوا يزيد.
و كان مسلم يتخفّى، فلم يزل ابن زياد يضع عليه المراصد حتّى علم بمكانه، ثمّ كان بعد ذلك بينه و بين أصحاب ابن زياد حرب و لم يكن له ناصر إلّا اللّه، فقتل منهم جمعا كثيرا، و ظفروا به بعد ذلك و قد أثخنوه بالجراح، فأخذوه أسيرا إلى ابن زياد فأمر به فقتل، و ألقي من أعلى القصر، و كان ذلك يوم الثّلاثاء لثلاث مضين من ذي الحجّة، و قيل: يوم الأربعاء لثمان مضين من ذي الحجّة سنة ستّين من الهجرة [2].
و سار الحسين (عليه السلام) من مكّة قاصدا إلى العراق، قيل: كان خروجه في اليوم الذي قتل فيه مسلم، فلمّا بلغ كربلاء وصل خبره إلى ابن زياد، فأرسل لحربه عمر بن سعد بن أبي وقّاص في عسكر، و أتبعه بعساكر حتّى تكاملوا ثلاثين ألفا، و كان عدد أصحاب الحسين (عليه السلام) فيما روي عن الباقر خمسا و أربعين فارسا و مائة راجل، و نقل أنّهم كانوا نيّفا و سبعين، فخيّره بين البيعة ليزيد و الحرب، فاختار القتل على الذلّ، و ضيّق ابن سعد على الحسين (عليه السلام) و منعه و أهله و أصحابه من الماء في تلك الأيّام.
فلمّا كان اليوم المذكور، و هو يوم عاشوراء، كان في صبيحته الحرب بين