" الذين " الاولى في موضع رفع بأنه مبتدأ وخبره " كان لم يغنوا فيها " وهذه الاية إخبار من الله تعالى عن حال هؤلاء الكفار الذين كذبوا شعيبا. وشبههم بمن لم يغن فيها، ومعنى " لم يغنوا " لم يقيموا اقامة مستغن بها عن غيرها، والغاني النازل، والمغاني المنازل، وغنى بالمكان اذا أقام به يغني غناء وغنيا، وقال النابغة:
غنيت بذلك اذهم لك جيرة * منها بعطف رسالة وتودد [2]
وقال آخر:
ولقد تغنى بها جيرانك المم؟؟ سكوا منك بعهد الوصال [3]
فمازادنا بغيا على ذي قرابة * غنانا ولاأزرى بأحسابنا الفقر [2]
ووجه التشبيه في قوله " كأن لم يغنوا فيها " أن حال المكذبين يشبه حال من لم يكن قط في تلك الديار، لما أخذتهم الرجفة بالاهلاك، وهذا مما يتحسر عليه الناس اعظم الحسرة كما قال الشاعر:
كأن لم يكن بين الجحون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر