فان قيل كيف قال " مامنعك " ولم يكن ممنوعا؟ ! قلنا: لان الصارف عن الشئ بمنزلة المانع منه، كما ان الداعي اليه بمنزلة الحامل عليه.
وقوله " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " حكاية لجواب ابليس حين ذمه تعالى على الامتناع من السجود، فأجاب بماقال، وهذا الجواب غير مطابق لانه كان يجب أن يقول معنى كذا، لان قوله " أناخير منه " جواب لمن يقول أيكما خير، ولكن فيه معنى الجواب، ويجري ذلك مجرى أن يقول القائل لغيره: كيف كنت، فيقول أناصالح، وكان يجب أن يقول كنت صالحا لكنه جاز ذلك، لانه أفاد انه صالح في الحال مع ماكان صالحا فيما مضى. ووجه دخول الشبهة عليه في أنه خلقه من نار وخلق آدم من طين أنه ظن أن النار اذاكانت أشرف لم يجز أن يسجد الاشرف للادون، وهذا خطأ، لان ذلك تابع لما يعلم الله من مصالح العباد، ومايتعلق به من اللطف