responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد    جلد : 1  صفحه : 239

وعليه، فلو ورد الترخيص في أطراف العلم الإجمالي، نلتزم بالترخيص فيها، و بجواز المخالفة القطعيّة و لا محذور في ذلك؛ لأنّ ورود مثل هذا الترخيص، لا يكون منافياً لحكم العقل بالمنجّزيّة، بل يكون نافياً لموضوعه؛ لافتراض أنّه معلّق على عدم وروده، و مع انتفاء موضوعه، لا مجال لحكم العقل كما هو واضح.

و لكن، حيث لم يثبت ورود مثل هذا الترخيص بأدلة الأصول المؤمِّنة، لاختصاصها بموارد الشك البدوي لكون تعميمها لموارد العلم الإجمالي على خلاف الارتكاز العقلائي، تثبت منجّزيّة العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة.

و بناءً على ذلك، يسمّى الاعتقاد بمنجزيّة العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية على نحو لا يمكن الردع عنها عقلًا- إذا قيل باستحالته من باب أنّه ترخيص في‌

القبيح كما عليه المشهور،- أو عقلائيّاً- بناءً على إمكانه عقلًا و لكنّه على خلاف الارتكاز العقلائي- بالقول بعلّية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية [1].


[1] ينبغي التفريق هنا بين ما ذهب إليه المشهور و ما ذهب إليه السيّد الشهيد، رغم ذهابهما معاً- بحسب ما ظهر في المتن- إلى القول بعلّية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة؛ لأنّ الكلام في العلّية و الاقتضاء تارة يكون بلحاظ مرحلة الثبوت، و أخرى يكون بلحاظ مرحلة الإثبات، فإنّ المشهور ذهب إلى القول بعلّية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة ثبوتاً، و هذا يقتضي كونه علّة له إثباتاً أيضاً كما هو واضح. و الوجه في ذلك، هو: عدم إمكان الترخيص في المخالفة القطعيّة عقلًا.

و أما السيّد الشهيد، فقد فصَّلَ بين عالم الثبوت و عالم الإثبات، فذهب إلى القول باقتضاء العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة ثبوتاً؛ و ذلك لإمكان الترخيص في المخالفة القطعيّة عقلًا، و هذا ما أشار إليه حسب ما جاء عنه في بحوث في علم الأصول ج 4 ص 154 حيث قال: «و هكذا ثبت أنّه بحسب عالم الثبوت يمكن الترخيص في تمام أطراف العلم الإجمالي، و أنّه ليس علّة تامة لحرمة المخالفة القطعيّة».

و لكنّه ذهب إلى القول بعلّية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية إثباتاً، و ذلك لعدم إمكان الترخيص عقلائيّاً لكونه على خلاف الارتكاز العقلائي، و بعبارة أخرى: انّه من الناحية النظرية يكون العلم الإجمالي مقتضياً للتنجيز، و لكن، من الناحية العملية، يكون علّة للتنجيز، بمعنى: الالتزام عملياً بمنجزيّة العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة في كل مرّة واجهنا فيها علماً إجمالياً بلا حاجة إلى البحث عن وجود دليل على الترخيص في المخالفة أو عدم وجوده، بمعنى: أننا لسنا بحاجة إلى إحراز عدم الترخيص للحكم عملياً بمنجزيّة العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية، و بهذا المقدار يشترك السيّد الشهيد مع المشهور، و لكن، يفترق عن المشهور في حالة ورود دليل خاص على الترخيص في المخالفة القطعيّة؛ فإنّه بناءً على مسلك المشهور، ينبغي طرح الدليل أو تأويله؛ و ذلك لامتناع الترخيص عقلًا، و أما بناءً على مذهب السيّد الشهيد، فيمكن الالتزام بهذا الترخيص، لأنّ مخالفة الارتكاز العقلائي ليس محذوراً في هذه الحالة، و إنما يمنع من انعقاد إطلاق أدلّة الأصول المؤمنة لكونه يشكل قرينة لبيّة متصلة تمنع من انعقاد الإطلاق لا أكثر.

و أما على القول بإمكان الترخيص في المخالفة القطعيّة عقلًا و عقلائيّاً، فإن هذا يقتضي القول باقتضاء العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية ثبوتاً و إثباتاً، فيلتزم بالترخيص في المخالفة القطعيّة فيما لو ورد الترخيص بذلك، و لو اعتماداً على إطلاق أدلّة الأصول المؤمّنة- لو كانت في نفسها مطلقة- لعدم المحذور الثبوتي و لا الإثباتي.

إن قيل: بناءً على ذلك، لم يبق فرق بين ما ذهب إليه السيّد الشهيد من القول بعلّية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة إثباتاً، و بين القول باقتضائه للحرمة المذكورة بناءً على القول الأخير؛ و ذلك للالتزام عملياً بالترخيص فيما لو دلّ الدليل على الترخيص على كلا القولين.

كان الجواب: إن الكلام في مقام تأسيس أصل و قاعدة أوليّة لا يتم الخروج عنها إلّا بدليل، و هل أنّ الأصل في العلم الإجمالي كونه علّة للتنجيز؟ أو أن الأصل فيه كونه مقتضياً للتنجيز؟ فحينئذ، فبناءً على ما ذهب إليه السيّد الشهيد من أن الأصل هو كونه علّة للتنجيز، ففي كل مورد نواجه فيه علماً إجمالياً، يُحْكَم عملياً بتنجيزه لحرمة المخالفة القطعيّة مباشرة من دون حاجة إلى إحراز عدم الترخيص، و أما على القول بالاقتضاء، فلا يمكن الالتزام عملياً بحرمة المخالفة القطعيّة ما لم يتم إحراز عدم وجود ترخيص؛ لأنّ العلم الإجمالي- بحسب الفرض- مقتض للتنجيز، و مجرّد وجود المقتضي لا يثبت المقتضى و هو التنجيز إلّا بعد أن نحرز عدم وجود مانع عن تأثير المقتضي أثره، و المانع في المقام، هو عبارة عن الترخيص في المخالفة، فلا بدّ من إحراز عدم الترخيص لكي نحكم عملياً بمنجزية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعيّة.

و بعبارة مختصرة: إن الفرق بين القولين: أي: بين العلّية التي ذهب إليها السيّد الشهيد، و بين القول بالاقتضاء، هو أنه على الأول، لسنا بحاجة إلى إثبات عدم الترخيص لكي نحكم عملياً بمنجزيّة العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية، بل يحكم بذلك مباشرة، بخلافه على الثاني؛ فإنّه لا يمكن الالتزام عملياً بالمنجزيّة المذكورة بمجرد وجود العلم الإجمالي، بل لا بدّ- لكي يتم ذلك- من إحراز و إثبات عدم وجود مرخص.

نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد    جلد : 1  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست