responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد    جلد : 1  صفحه : 170

البعض عن الآخر، فالأحكام الظاهرية متنافية فيما بينها، و متضادة بوجوداتها الواقعية بقطع النظر عن وصولها للمكلف أو عدم وصولها، فالخطابان الظاهريان المختلفان نوعاً كالإباحة و الحرمة، متضادان بنفسيهما، سواء وصلا إلى المكلف أم لا، فلا يمكن أن يجعل خطاب ظاهري يدل على الإباحة، كقوله: «كل شي‌ء لك حلال حتى تعلم أنه حرام»، و خطاب ظاهري آخر مفاده المنع عن مشكوك الحرمة، كأن يقول: «مشكوك الحرمة و الحلية حرام»؛ و ذلك لتضادهما واقعاً.

و الوجه في ذلك: أن الحكم الظاهري المجعول في موردٍ يكشف عن الملاك الواقعي الأهم؛ فالخطاب الظاهري الذي يكون مفاده الإباحة- مثلًا- يكشف عن كون ملاك الإباحة الواقعية أهم عند المولى من غيره‌ [1]، و الخطاب الظاهري الذي يكون‌


[1] لا يقال: إنه قد تقدم أن الإباحة قد تكون ناشئة من ملاك يقتضي جعل الإباحة كإطلاق العنان- مثلًا- فتكون الإباحة اقتضائية، كما أنّها قد تكون ناشئة عن خلوّ الفعل من أي ملاك، و تسمى بالإباحة اللااقتضائية، فلا تكون الإباحة الظاهرية كاشفة دوماً عن أن ملاك الإباحة أهم؛ لأن هذا فرع كونها ذات ملاك كما هو واضح، و الحال أنه لم ينحصر الواقع بالإباحة الاقتضائية.

فإنا نقول: إن هذا الكلام لا يصح على التفسير المتقدم للأحكام الظاهرية و إنها خطابات تعيّن ما هو الأهم من الملاكات الواقعية عند حصول التزاحم، في مقام الحفظ نتيجة لاختلاطها عند المكلف، و من المعلوم أن الإباحة إذا لم تكن ناشئة عن ملاك، فلا تزاحم غيرها من الأحكام الواقعية الأخرى، فيجعل الحكم الظاهري على وفق تلك الأحكام؛ لأنها ناشئة عن ملاكات اقتضائية، و لا يتصور في هذا الفرض جعل حكم ظاهري بالإباحة، و أما إذا كانت الإباحة اقتضائية، فيعقل التزاحم بينها و بين غيرها من الأحكام الواقعية الأخرى كالحرمة مثلًا، و يعقل جعل حكم ظاهري بالإباحة على تقدير كون ملاكات الإباحة الواقعية أهم من ملاكات المحرمات الواقعية.

و من خلال ذلك، يتضح أن الإباحة الظاهرية إذا كانت مفاداً للأصل العملي، فإنّها تكشف دائماً عن وجود مباحات واقعية ذات ملاك اقتضائي؛ لان الترجيح فيها كان بلحاظ نوع المحتمل و أهميته عند حصول التزاحم، و من المعلوم أنّ الإباحة التي تزاحم الأحكام الواقعيّة الأخرى هي الإباحة الاقتضائية فقط.

و أما إذا كانت الإباحة الظاهرية مستفادة من الأدلة المحرزة كخبر الثقة- مثلًا-، فقد تكون الإباحة الواقعية في هذه الحالة اقتضائية و قد لا تكون كذلك؛ لأن الترجيح بحسب الفرض كان بلحاظ أهمية الاحتمال دون المحتمل، أي: غلبة مصادفة مؤداها للواقع من دون نظر إلى مؤدى الأمارة و أنه إباحة أو لا، أو أنه إباحة اقتضائية أو لا، فلو كان مفاد الأمارة هو الإباحة و كانت مطابقة للواقع، فلا نستطيع أن نحدّد أن تلك الإباحة الواقعية كانت ناشئة من ملاك كإطلاق العنان، أو أنها ناشئة عن خُلوّ الفعل المباح من أيّ ملاك يقتضي الإلزام فعلًا أو تركاً.

و بعبارة مختصرة: إن الإباحة تارة تكون مفاداً للأصل العملي، و أخرى تكون مفاداً للأمارة، كما لو دلّت أمارة ما على إباحة شي‌ء، فعلى الأول نقطع بوجود مباحات واقعية اقتضائية ضمن موارد جريان ذلك الأصل، لأن غير الاقتضائية لا تزاحم غيرها من الأحكام الأخرى لكي يجعل الحكم الظاهري على وفقها، و على الثاني فقد تكون اقتضائية و قد لا تكون كذلك؛ لأن الترجيح لم يكن بلحاظ أهمية المحتمل حتى يقال بأن غير الاقتضائية لا تزاحم غيرها من الأحكام.

نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست