نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 52
على الدين. فاهتزّ كيان الأمة، و اختلّ بناء المجتمع، و قد أطلعنا فيما مضى على جانب من الأحداث التي تقوم بتأثير العصبية و الجهل. و استمر الحنابلة يعنون بالهيمنة على الحكم، حتى أن المطيع باللّه كان يتقرّب إليهم بالتظاهر بسماعه و ترديده أقوالا لأحمد بن حنبل، و قد كان يحدّق به خلق كثير من الحنابلة قدروا بثلاثين ألفا، فأراد أن يتقرب إليهم، في حين كان الناس يأكلون الأطفال و الجيف لشدة الجوع، و إذا رأثت الدواب اجتمع جماعة من الضعفاء على الروث، فالتقطوا ما فيه من حبّ الشعير فأكلوه، و كانت الموتى مطرحين فربما أكلت الكلاب لحومهم [1].
و امتدت مشكلة خلق القرآن لعهود طويلة، و بتأثير الحنابلة شملت الاتهامات أغلب الطوائف، ففي سنة 408 ه استتاب القادر باللّه فقهاء المعتزلة الحنفية، فأظهروا الرجوع و تبرّءوا من الاعتزال، ثم نهاهم عن الكلام و التدريس و المناظرة في الاعتزال و الرفض و المقالات المخالفة للإسلام، و أخذ خطوطهم بذلك، و إنهم متى خالفوه حلّ بهم من النكال و العقوبة ما يتّعظ به أمثالهم، و امتثل يمين الدولة و أمين الملة أبو القاسم محمود أمر أمير المؤمنين و استنّ بسنّته في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان و غيرها في قتل المعتزلة و الرافضة و الإسماعيلية و القرامطة و الجهمية و المشبّهة، و صلبهم و حبسهم و نفاهم، و أمر بلعنهم على منابر المسلمين، و إبعاد كل طائفة من أهل البدع، و طردهم من ديارهم، و صار ذلك سنّة في الإسلام [2].
ثم تبادل الناس فيما بينهم الاتهامات، و غدت سنّة الحكام شاملة، و شاع التعصب مع سعي حثيث إلى إدخال الحكام في صميم الأمر، و الاستعانة بقوة السلطان، و نحن سنعرض إلى جوانب من ذلك بحسب مواقعها من الكتاب.