responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 386

و قد رأينا مالكا قبل إلحاقه بالدولة و هو يسعى إلى العلم، فلم يظهر عليه إلا الرغبة في السماع. و من المفاخر أن يؤدي به طلب العلم إلى أن ينقض سقف بيته و يبيع خشبه- كما يروي ابن فرحون- غير أن إقبال الحكّام عليه أحدث انقلابا في مسلكه و سيرته و استجاب لما تضفيه عليه السلطة.

فعند ما يحاول أولياء و أقرباء بعض المسجونين في سجون المدينة المنورة التوسط لدى المنصور، و يلجأ المنصور إلى الصيغة التي تجنّبه اللوم و نسبة الظلم إليه بإدخال العلماء و أهل الدين في المعاينة، نجد مالك يجيب وفق ما يريد المنصور.

و معلوم أن أمر المدينة كان يشقّ على المنصور، و كانت السجون التي فيها تعكس مشاعر المنصور تجاه أهلها، فلما ولي عبد الصمد على المدينة عاقب بعض القرشيين و حبسه حبسا ضيّقا، فكتب بعض قرابته إلى المنصور و شكى ذلك إليه و أخبره. فكتب المنصور إلى المدينة و أرسل رسولا و قال: اذهب فانظر قوما من العلماء، فأدخلهم عليه حتى يروا حاله و تكتبوا إلي بها، فأدخلوا عليه في حبسه مالك بن أنس، و ابن أبي ذئب، و ابن أبي سيرة و غيرهم من العلماء فقال: اكتبوا بما ترون إلى أمير المؤمنين.

قال: و كان عبد الصمد لما بلغه الخبر حلّ عنه الوثاق، و ألبسه ثيابا، و كنس البيت الذي كان فيه، و رشّه، ثم أدخلهم عليه. فقال لهم الرسول: اكتبوا بما رأيتم. فأخذوا يكتبون: يشهد فلان و فلان. فقال ابن أبي ذئب: لا تكتب شهادتي، أنا أكتب شهادتي بيدي إذا فرغت، فارم إليّ بالقرطاس. فكتبوا: محبسا لينا، و رأينا هيئة حسنة. و ذكروا ما يشبه هذا الكلام، ثم دفع القرطاس إلى ابن أبي ذئب، فلما نظر في الكتاب فرأى هذا الموضع قال: يا مالك داهنت و فعلت و ملت إلى الهوى. اكتب: رأيت محبسا ضيقا، و أمرا شديدا. و جعل يذكر شدّة الحبس‌ [1].

و أخذ مالك باستعمال العنف و المعاملة بالقسوة، فكان إذا حدّث يقوم على رأسه الحرس، فإذا تكلم أحد أو اعترض عليه، أشار للحرس فيسحبون المتكلم و يخرجونه من المجلس، و إن اقتضى السجن سجن، و قد رأينا سابقا كيف أمر بحبس ابن مهدي و كان يصلي خلفه، و من سياق القصة يتبين لنا أن الحرس كان معه حتى‌


[1] تاريخ بغداد ج 2 ص 299.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست