نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 343
أعينهم ما قدّر لأهل بيتهم و ما وضع في أعناقهم و ما وجب على أمتهم من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و هم قدوة الناس و قادتها تتطلع إليهم النفوس في المهمات، و تشرئب إليهم الأعناق في الملمات، فلمّا وجدوا أن أميّة لا تقف عند حد في عدائها لأهل البيت، و لا ترعوي و تترك المجاهرة بالضلال و المعالنة بالباطل، نهضوا بنداء أبيهم الحسين مرة أخرى، و أعادوا صفحات البطولة و الفداء.
و قد سلك الأمويون مسلكا حاولوا فيه تشتيت العلويين و تمزيق صفوفهم، بعد أن أحاطوهم بما يبقي نشاطهم تحت أعين عمّالهم، بتوجيه رقابة شديدة، و الاحتيال للتقرب منهم طمعا في إزالة صفات النقمة و الابتعاد عن حكم الأمويين. تلك الصفات التي تضعف موقع الأمويين في النفوس التي تتقرب منها، و تلهب المشاعر في القلوب التي تقف إلى صف أهل البيت.
و قد كان هشام بن عبد الملك يزيدا آخر في سلسلة الطغاة الأمويين، اتسم بكل قبائحه، و اتصف بالبذاءة و الحقد و اللؤم، و قد أدت السياسة التي يتبعها إلى أن يسمع ما يكشف الغشاوة و يزيلها عن عينيه لما دخل عليه الشهيد زيد بن علي فقال له: ليس أحد من عباد اللّه دون أن يوصي بتقوى اللّه سبحانه، و لا أحد فوق أن يوصى بتقوى اللّه سبحانه، و أنا أوصيك بتقوى اللّه.
فقال هشام: أنت زيد المؤمّل للخلافة، الراجي لها، و ما أنت و الخلافة، لا أم لك، و أنت ابن أمة.
فقال زيد: لا أعلم أحدا أعظم منزلة عند اللّه من نبي بعثه و هو ابن أمة إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام) ما يقصرك برجل جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و أبوه علي بن أبي طالب.
فوثب هشام و وثب الشاميون و دعى قهرمانه و قال: لا يبيتن هذا في عسكري الليلة. فخرج زيد (عليه السلام) و هو يقول لهشام: أخرج ثم لا تراني إلا حيث تكره. ثم قال هشام: أ لستم تزعمون أن أهل هذا قد بادوا، و لعمري ما انقرض من حقل هذا خلفهم [1].
و كانت قضية الخلاف في أوقاف الإمام علي و ولايتها مدخلا عتّبته أرجل
[1] للمزيد انظر الجزء الأول ص 124- 127 و قد ضمّ كتابنا الذي أنجزناه (العلوي الثائر) ترجمة و بحثا عن الشهيد زيد.
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 343