نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 250
التام، و ترك مجال العمل و اكتساب الرزق، لأنه يدعو إلى الانشغال، و هو من مقومات الدنيا. و رأى الإمام الصادق أن الإيمان الحق في أن يغدو المسلم إلى عمله كل يوم، و يكدّ في تحصيل رزقه، و أن يقوم بدوره في هذه الحياة، و يرى أن قيمة الإنسان في عمله، إذ لم يرض للمسلم البطالة و ترك العمل، و كل ما يدعو إلى الاستهانة بالشخص و تحقيره. و في الحديث: «ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس، ملعون ملعون من ترك من يعول به». و قد قرن الإسلام العمل لطلب الرزق للولد و للعيال بما يصلحهم بالجهاد في سبيل اللّه.
قال الإمام علي (عليه السلام): «ما غدوة أحدكم للجهاد في سبيل اللّه بأعظم من غدوة من يطلب لولده و عياله ما يصلحهم».
و كان الإمام الصادق يروي ما كان جدّه الإمام زين العابدين يفعله و يقول: «كان علي بن الحسين إذ أصبح خرج غاديا في طلب الرزق، فقيل له: يا ابن رسول اللّه أين تذهب؟
فقال: أتصدّق لعيالي.
قيل له: أ تتصدّق؟
قال: من طلب الحلال، فهو من اللّه عز و جل صدقة عليه» [1].
و كان (عليه السلام) يروي قول جده الإمام زين العابدين (عليه السلام): «ضمنت على ربي ألا يسأل أحد من غير حاجة إلا اضطرّته المسألة إلى أن يسأل عن حاجته».
و كان يخاطب أصحابه: «إياكم و سؤال الناس، فإنه ذلّ في الدنيا، و فقر تعجّلونه، و حساب طويل يوم القيامة».
و على ضوء هذا الإيمان العميق بالعمل، كان الإمام الصادق يعمل بنفسه ليكون مثالا لغيره. فقد حثّ على طلب الرزق ليرفع من مستوى أخلاقهم و المحافظة على القيم الروحية لديهم، فكان يسمّي التجارة و دخول السوق بالعزّ، كما يحدّثنا المعلّى بن خنيس قال: رآني أبو عبد اللّه و قد تأخرت عن السوق، فقال لي: «أغد إلى عزّك».