نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 240
و كان (عليه السلام) في الوقت الذي يحاور فيه دعاة الثورة، يمارس مسئولياته في وجه السلطة و انحراف الحكّام، و يقاوم نزعات الهدم و موجات القمع و تيارات التشويه و الانحراف.
و كان نهج الحوار طريقة العمل الفكري لدى الإمام الصادق، تتسم بالشمول وسعة الرأي، و قوة الإقناع التي تقوم على علم ثابت، و رأي سديد. لذا فقد تولّى رد تلك الهجمات، فكان دفاعه عن الإسلام في درء شبه الزنادقة و الدهرية من أهل الأديان الأخرى قد خلّف ثورة فكرية مهمة ضمّنها عشرات من الكتب.
و كان قد بدأ التنازع في ذلك العصر بين الفلسفة و بين الإسلام و العقائد التي جاء الإسلام لمحاربتها، و ظهرت بوادر الجدل العقلي، و اتخذ علم الكلام كوسيلة للحجاج.
و كان موقف الإمام الصادق من تلك التيارات و وسط ذلك الجدال و النزاع موقف العالم المنافح عن الدين و المدافع القوي عن العقيدة الذي لا يغلب في مناظرة و لا ينقطع في محاورة، و كان لحجّته و وضوح برهانه و رجاحة عقله و قوة استدلاله الأثر الحاسم في أن يخضع له العقل السليم و يرتاح له الضمير، و تفنيد آراء الأعداء و دحض أفكارهم، و توفير أسس يركن إليها المسلم و يعتمد عليها في الدفاع عن دينه و عقيدته. و كان يدلي بآرائه أمام خصومه بمنطق يدخل إلى آذان سامعيه فينفذ إلى قلوبهم، فلا يجدون بدّا من التسليم لقوله الحق و منطقه الصائب. و قد حفظ لنا التاريخ خصائص منهج الإمام و ميزات منطقه الذي لا يجارى في استدلالاته، و لا يغلب في براهينه؛ بل كان هو المتفوّق و السابق في كل مضمار.
و بهذه المواقف، و بتلك الشهرة التي نالتها مدرسته، و المهمة التي قام بها أصحابه في محاربة الإلحاد و الملحدين كان لزاما على دعاة تلك المبادئ الذين دخلوا الإسلام أن يتستروا باعتناقه لبثّ سمومهم، و شعروا بخطر موقف الإمام الصادق و محاربته لكل فكرة من طريق العلم و المنطق، فنظروا إليه نظرة ملؤها الحقد على الإسلام و انتصاره على عقائدهم الفاسدة و أديانهم الباطلة، و لما وجدوا أنفسهم عاجزين عن المجاهرة بما في نفوسهم من أضغان و عداوة، و أن انتصارات الإسلام دائمة لأن عقيدته هي مصدر هذه الانتصارات، لجئوا إلى التلبّس، و استخدموا أساليب
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 240