responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 22

و قد ساعد على ذلك آراء بعض أئمة المذاهب و أتباعهم، إذ كان بعضهم يرى لزوم تعزير أهل الكلام و ضربهم و إهانتهم، و أن يطاف بهم في العشائر. و اشتهر عن الشافعي أنه قال: إياكم و الكلام. و قال: لأن يبتلي اللّه المرء بكل ما نهي عنه ما عدا الشرك به خير من أن ينظر في علم الكلام.

و وجد زعماء الفتن و عناصر الشغب فيما أوثر عن الإمام الشافعي و غيره سلاحا مجردا يستخدمونه لتحقيق أغراضهم، و تغيير الواقع إلى جمود و تخلف. رغم أن هذه الآراء في حقيقتها و ظروفها تعبّر عن حرية الرأي و قدرة الاجتهاد، و مع هذا نجد أن الإمام الشافعي ينص على دوافع مثل هذا التوجه، و يلتفت إلى تلك الأجواء، إذ قال للربيع: إياك و علم الكلام. و عليك بالاشتغال بالفقه و الحديث. و لئن يقال لك أخطأت خير من أن يقال لك كفرت‌ [1].

و قد نضج علم الكلام في عصر الشافعي، و اتسع نشاط المتكلمين، و أثيرت هناك مسائل كثيرة دار حولها النقاش و الجدل. و لا بد لكل عالم أن يلتمس الدلائل و البراهين من طريق المعقول لتقوية جانبه، و الردّ على مخالفيه، و لكن من باب درء الخطر من الانهزام أمام المفكرين، أغلق الباب بحرمة تعلم علم الكلام، بل حرمة الاستماع إليه، و حكموا بكفر من يتعلمه.

و كان للفلسفة في أول زمن الدولة العباسية سوقا رائجا، فقد كانت بغداد في أواسط القرن الثاني إلى أواخر القرن الخامس ميدان الأفكار الجديدة، كما كانت البصرة كذلك منذ القرن الأول، يقصدها العلماء من البلدان القاصية، و يتذاكرون صنوف العلم، و يتقارضون بأنواع الحكمة. و كانت بغداد مدة ثلاثة قرون مبعث الحركات الفكرية، و العلماء فيها يوحدون صفوفهم.

و كانت الحكومة لا تعارض مجالس النظر و الحجاج ما لم يضر بمصالحها، أما إذا كان البحث في الإمامة و ما يتعلق بها من إعطاء الفكر مجالا في أمور يتطلب البحث فيها إيضاحا لما أبهم منها؛ فإن ذلك محظور لا تسمح الدولة في خوضه.

و اشتدت الحكومات في القرن السادس بمطاردة علوم الحكمة. و حرّم ابن الصلاح المنطق و الفلسفة، و لم يتمكن أحد في دمشق من قراءة كتبها، و كان المنادي‌


[1] الجواهر و اليواقيت ج 1 ص 17.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست