responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 21

الوقت، و لا سيما ما كانوا يشاهدونه من تظاهر الملاحدة و الدهريين، و الطبيعية و المانوية الخ‌ [1].

و من المظاهر المؤلمة ما تعرّض له أبو جعفر بن جرير الطبري- صاحب التاريخ و التفسير المشهورين- سواء في حياته أو في مماته، فنحن نعلم أن للأموات حرمة، و لأن كانت غريزة الكره و الحقد تجد مجالها بين الأحياء، فإن ارتحال الطرف الآخر كاف للكفّ عن استمرار الغرائز الملتوية. يقول ابن كثير: «و دفن في داره لأن بعض عوام الحنابلة و رعاعهم منعوا من دفنه نهارا، و نسبوه إلى الرفض. و من الجهلة من رماه بالإلحاد، و حاشاه من ذلك كله. بل كان أحد أئمة الإسلام علما و عملا بكتاب اللّه و سنة رسوله، و إنما تقلدوا ذلك عن أبي بكر محمد بن داود الفقيه الظاهري، حيث كان يتكلم فيه و يرميه بالعظائم و بالرفض. و لما توفي اجتمع الناس من سائر أقطار بغداد، و صلوا عليه بداره، و دفن بها، و مكث الناس يترددون إلى قبره شهورا يصلون عليه. و قد رأيت له كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين، و كتابا جمع فيه طريق حديث الطير. و نسب إليه، أنه كان يقول بجواز مسح القدمين في الوضوء، و إنه لا يوجب غسلهما» و بمرور الوقت عجز خصومه عن طمس شواهد علمه، فأخذوا بالقول بأن هناك طبريين أحدهما شيعي يستحق هذا العداء. و إن كل ما جاء من الحق على لسان الطبري، و كل ما ذكره هذا المؤرخ و المفسر الكبير من الحقائق هو من الطبري الآخر، يقصدون محمد بن جرير بن رستم المحدث الإمامي الثقة، و قد اشتهر بكتابه (المسترشد في الإمامة) و عرف بالمناظرة و الكلام، و ليس هناك ما يساعد على الخلط بين الاثنين، فآثار كلّ منهما مستقلة و معروفة، و القول بمثل هذا ينمّ عن القصد السيئ.

و كان للمسلمين مكانة في علم الكلام و غيره، و امتازوا عن سواهم بأمور كثيرة.

و كانت مقاومة المفكرين بأساليب مختلفة و عبارات لا تعبّر إلا عن سوء الفهم. فقد رمي المتكلّمون بالكفر و الزندقة و الخروج عن الدين حسب ما ترتضيه السياسة، و ما تراه في خدمة مصالحها، فوسعت شقّة الخلاف بين المتكلّمين و بين الفقهاء، و شجعت الحملة على المتكلمين و رميهم بالكفر. فكانت تلك الحركة ضد علم الكلام سببا في تضييق آفاق الفكر، و سد أبعاده، و تقييد روح الإبداع، حتى هدّد العلماء من المتكلمين.


[1] الطباطبائي، الميزان ج 5 ص 179.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست