responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 175

و أجهز على جريحهم. و لا تفعل كما فعل أبوك في أهل الجمل، فإن القوم لهم فئة [1] فلا يفرق بين دولة معاوية و بين دولة المنصور، مما يجعل تقدير خفاء وضعه على المنصور بعيدا. و هو الملك الذي عدّ من دهاة عصره، و قد أخّر تنفيذ حكمه إلى حين الانتهاء من الأوضاع المعقدة و الظروف الشائكة التي يسببها له أهل البيت (عليهم السلام) سواء بمكاناتهم الدينية أو سلطانهم الروحي أو حركاتهم الثورية و تصدّيهم لظلمه بحد السيف. و مهما يكن الاختلاف و كثرة الأقوال عن الأسباب التي دعت المنصور إلى الحقد عليه، فمما لا شك فيه أن السبب الأساس الذي يعني السلطة هو صلة أبي حنيفة بالعلويين و ميله إليهم. و قد مرّ بنا المزيد من ذلك بما لا زيادة عليه في رأينا [2].

و يبدو أن مدرسة أبي حنفية- برغم وجوده حيا- كانت تتأثر بالسلطة، يتتلمذ الأصحاب على إمامهم في العلم و الفقه، و ينفتحون على الحكام و الساسة في المواقف و السلوك. و قد رأينا مدى التحوّل في خط أبي يوسف. أما زفر بن الهذيل فيقول:

كان أبو حنيفة يجهر في أمر إبراهيم جهرا شديدا، و يفتي الناس بالخروج معه. فقلت له: و اللّه ما أنت بمنة عن هذا حتى نؤتى، فتوضع في أعناقنا الحبال‌ [3].

و في الجملة، فإن موقف امتناعه عن تقلّد القضاء من أهم شواهد السلوك الذي تميز بها أبو حنيفة، و هو يشتمل على دلالات لم تغب عن بال المنصور. لأن الرفض يفسد خطة المنصور السياسية التي وضعها لمواجهة نفوذ أهل البيت (عليهم السلام) و لذلك فإن فكرة المذاهب الرسمية أو السلطوية لم تلصق بأبي حنيفة، إذ أعاقها رفضه و امتناعه، و إنما ترتبط بأعمدة مدرسته. كذلك فإن امتناع أبي حنيفة عن تولي القضاء يعني منع التعاون معهم و حجب التأييد عنهم، و ما يحمل ذلك على أنه يرى عدم صحة إمامة المنصور فلا يجوز تولي القضاء لهم. و كيف لا يعتقد ذلك منه، و قد تأثر بأساتذته من سادة أهل البيت، حيث حضر عند الإمام الباقر (عليه السلام) المتوفى 114 ه زيد الشهيد (عليه السلام) المتوفى سنة 122 ه و الإمام الصادق (عليه السلام) المتوفى سنة 148 ه.


[1] مراقد المعارف. و المقاتل. و العمدة.

[2] انظر ج 1 من الكتاب.

[3] المقاتل.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست