responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 155

فما هي العوامل التي ساعدته، و أدّت إلى هذا الاشتهار؟ فإنّا إذا لحظنا أبا حنيفة ذاته وجدنا أنه لم يكن له امتياز على كثير من العلماء المبرزين من أقرانه في عصره، نعم كان مشهورا بالقياس، و هذا ما أوجب نقمة كثير من العلماء عليه.

أما تفوقه العلمي و شهرته، و بقاء مذهبه و انتشاره في الأقطار الإسلامية، فيرجع إلى شهرة أبي يوسف، فهو تلميذ أبي حنيفة و قد نال أبو يوسف مودّة الرشيد، فكان يحبّه حبّا شديدا و يقول: لو جاز أن أدخلك في نسبي لفعلت. فكان لأبي يوسف المنزلة و الكلمة النافذة في الدولة.

و لو لا أبو يوسف لما ذكر أبو حنيفة، و لكن منزلة أبي يوسف في الدولة، و توليته رئاسة القضاء جعلت ذكر أبي حنيفة ينتشر، و قد التفّ حوله جميع المنتمين لمدرسة أبي حنيفة و تلامذتهم، فكان نشاطهم محسوسا، و نالت أقوالهم الصبغة الرسمية. ثم عمدوا لنشر مذهب أبي حنيفة، فكانوا لا يقرّبون إلّا من كان على طريقتهم في الاجتهاد و الفتيا، و هم على طريقة أبي حنيفة في الاستنباط.

و يمكننا أن نعتبر تمكّن أبي يوسف و سلطته التشريعية نقطة بداية وضع أسس المذهب، فتطورت في المستقبل، إذ وجدت الظروف و الإمكانيات اللازمة.

و على هذا فقط نشط أصحاب أبي حنيفة بتوليتهم القضاء، و نشر أقوال أبي حنيفة و آرائه، و كانوا يسيرون على قواعد مذهبية في الحديث، و منهم المجتهدون، و أكثرهم ينفرد بقول، و يذهب إلى رأي غير رأي أبي حنيفة.

و قد اعتبروا استنباطهم للمسائل التي لم يكن لأبي حنيفة قول فيها هو رأيه و قوله، كما هو واضح لمن تتبع موارد الاستنباط عندهم، فيرون عن أبي حنيفة أنه قال لأبي يوسف: و يحكم، كم تكذبون عليّ في هذه الكتب ما لم أقل. و كيفما كان فقد تكوّن المذهب بجهود أصحابه الذين ينتمون لمدرسته، و يعرفون بالانتساب إليه، و كان عددهم ستة و ثلاثين رجلا، و في طليعتهم أبو يوسف، فهو الذي تزعّم هذه المجموعة، و ساعدته الظروف بأن يتولى منصب رئاسة قضاة الدولة في إبان قوتها، فقرّب أصحابه و تقرّب الناس إليهم حبّا لما في أيديهم من الدنيا، فوسّعوا دائرة المذهب، و نشروا الأحكام باسم أبي حنيفة، و توارث تلامذتهم نصرة المبدء و نشر المذهب حتى جاء عصر التطاحن و التكالب على الدنيا، فكان هناك تعصب أعمى،

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست