نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 141
إلى كثير من الأحاديث التي أوردوها، و الأقوال التي نقلوها عن الصحابة و التابعين و أتباعهم. و اشتد النزاع و تحوّل إلى تعصّب قبلي و تحزّب إقليمي، و أصبح من المحتّم على أصحاب الرأي و على العراقيين و الكوفة بالأخص أن تردّ على تلك الهجمات، و أن تنتصر لوطنها و آرائها.
و على هذا النحو استمر الوضع من تربّص كل فريق بالآخر، فتنابزوا و تقابلوا بانتقاص البعض للبعض، و عيّروا أهل الكوفة بالنبيذ، و أهل المدينة بسماع الغناء.
و اشتدّت عصبية كل قوم لبلدهم، و كان للأدب قسط وافر في هذا الصراع في عصر أبي حنيفة و بعده.
قال عمار الكلبي يذم أهل الحديث:
إن الرواة على جهل بما حملوا* * * مثل الجمال عليها يحمل الودع
لا الودع ينفعه حمل الجمال له* * * و لا الجمال بحمل الودع تنتفع
و يقول بعضهم:
يحمل أسفارا له و ما درى* * * إن كان ما فيها صوابا أو خطأ
إن سئلوا قالوا كذا روينا* * * ما ان كذبناه و لا اعتدينا
و قال بكر بن حماد قصيدة منها:
و كل شياطين العباد ضعيفة* * * و شيطان أصحاب الحديث مريد
و أثارت هذه القصيدة حميّة كثير من الشعراء المنتصرين لأهل الحديث، فعارضوها بعدة قصائد كابن غياث عبد السلام بن يزيد إذ يقول:
تعرّضت يا بكر بن حمّاد حطة* * * بأمثالها في الناس شاب وليد
فذمّك هذا في المقال مذمّم* * * و ذمّك هذا في الفعال حميد