نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 138
و مع أن صحة هذا العهد موضع نظر، إلا أنه من أكبر دعائم القول بقدم الرأي عند القائلين به، رغم أن الطرف الآخر ينسب إلى عمر قولا يعارضه.
و قال الشعبي: كان عبد اللّه لا يقنت، و لو قنت عمر لقنت عبد اللّه [1] و يظهر من هذا أن عمر كان يعمل بالرأي، و هو مؤسس هذه المدرسة، و سار عبد اللّه بن مسعود على منهجه، فكانت فتواه هي فتوى عمر بن الخطاب، فالرأي متحد.
أخذ أبو حنيفة العلم عن حمّاد بن سليمان، و أخذ حمّاد عن إبراهيم النخعي، و أخذ إبراهيم عن علقمة بن قيس، و علقمة هو تلميذ ابن مسعود، فكان إبراهيم لا يعدل بقول عمر و ابن مسعود، و إذا اجتمعا كان قول عبد اللّه أعجب لأنه كان ألطف.
و من هذا اشتهرت مدرسة الرأي في العراق لأن عبد اللّه بن مسعود كان قد أقام في الكوفة مدة من الزمن، و كان يفتي الناس و يحدّثهم.
قال أبو عمر الشيباني: كنت أجلس إلى ابن مسعود حولا لا يقول: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) فإذا قالها استقلّته الرعدة [2].
فإذا كان إبراهيم ألزم لأقوال ابن مسعود، فأبو حنيفة كان يلازم أقوال إبراهيم و أقرانه، و لا يجاوز إلا ما شاء اللّه، و كان عظيم الشأن في التخريج على مذهبه، دقيق النظر في وجوه التخريجات. و إذا أردت أن تعلم حقيقة ذلك، فلخّص أقوال إبراهيم من كتاب الآثار لمحمد، و جامع عبد الرزاق، و مصنّف أبي بكر بن أبي شيبة، ثم قايسه بمذهبه؛ تجده لا يفارق تلك المحجة إلا في مواضع يسيرة، و هو في تلك الموارد اليسيرة لا يخرج عمّا ذهب إليه فقهاء الكوفة [3].
و لقد أعلنت المدينة غضبها على أهل الرأي و بالأخص الكوفة و العراق بصورة عامة، و من شدّة الصراع و تفاقم الخلافات، تحامل حملة الآثار على أهل العراق.
فقالوا بعدم علمهم بالحديث، الأمر الذي ألجأهم إلى التمسّك بالرأي و العمل بالقياس.