نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 4 صفحه : 136
تلامذته بنصرة مذهبه، و في طليعتهم القاضي أبو يوسف، و بواسطته نالت المدرسة شهرة واسعة. إذ كانت بيده تولية القضاة، و هو بمنزلة وزير العدل في العصر الحاضر فهو لا يولّي إلّا من كان على مذهبه. كما قام جماعة بنصرة المذهب و نشره، منهم:
زفر بن الهذيل، و محمد بن الحسن الشيباني، و الحسن بن زياد اللؤلؤي. و غير هؤلاء من أهل العراق الذين عرفوا بأهل الرأي كابن سماعة، و عافية القاضي، و مطيع البلخي و بشر المريسي ... و منشأ تسميتهم بأصحاب الرأي، هو أن عنايتهم بتحصيل وجه القياس و المعنى المستنبط من الأحكام و بناء الحوادث عليها، و ربما يقدّمون القياس الجلي على أخبار الآحاد كما اشتهر عن أبي حنيفة أنه قال:
علمنا هذا رأي، و هو أحسن ما رأينا، فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى و لنا ما رأينا [1].
و جاء عن أبي يوسف أنه قال قبيل وفاته: كلما أفتيت به؛ فقد رجعت عنه [2].
و جاء عن أبي حنيفة أنه قال لأبي يوسف: ويحك يا يعقوب لا تكتب كلما تسمع مني، فإني قد أرى الرأي اليوم و أتركه غدا، و أرى الرأي غدا و أتركه بعد غد [3].
و قد اشتهر عن أبي حنيفة قوله: لا يحلّ لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت [4]. و في رواية: حرام على من لا يعرف دليلي أن يفتي بكلامي. و قد زيد في رواية قوله: فإننا بشر نقول القول اليوم و نرجع عنه غدا.
و لقد تشدد أبو حنيفة في الحديث، و كان لذلك أسبابه، إذ إن تلك الفترة قد شهدت موجات الوضع في الحديث، و لكي يضمن أصحاب المسائل القبول، كانت فتاواهم تساق إلى الناس بصيغ الحديث بالنص أو بالمعنى أو بغيرها من الطرق التي شاعت، فأصبح الكذب على الرسول الأعظم سهلا و تكسّب به لإرضاء الحكام، و وضع الأحاديث وفق أهوائهم حتى بلغ الأمر حدا يثير سخرية الحكام، كما يثير