نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 3 صفحه : 54
و ما شاه حتى انتهى به إلى مجلسه، ثم أقبل عليه يسأله عن حاله ... الخ [1] و أنجاه اللّه من شره، و تغيّر المنصور عما عزم عليه كل مرة يلقى فيها الإمام، من أسرار سيرة الإمام الروحية.
و حدث الربيع بأن المنصور أمر بإحضار جعفر بن محمد مرارا و قال و اللّه لأقتلنه، فلما لم ير بدا من إحضاره، و لما دنا الإمام الصادق من الباب قام يحرك شفتيه. و كان يدعو [2] ...
و قد مر تفصيل هذه الحوادث و بيانها في الجزء الثاني و الإشارة إليها في الجزء الرابع من هذا الكتاب، و أن المنصور أحضره بين يديه للفتك به و القضاء عليه مرارا.
و على كل حال: فإن الإمام الصادق (عليه السلام) قد واجه محنا و تحمل مصاعب، في سبيل الدعوة إلى الخير و تهذيب النفوس، بنشر التعاليم الإسلامية الكفيلة بتنوير العقل الإنساني، و إرشاده إلى أقوم سبل الخير و السعادة، فكان المنار الذي اهتدت به القافلة الضالة، فيمر تاريخه عبر مراحل التاريخ، و يتخطى ذكره الزمن فتخلده الأجيال، و تعتز به العلماء، و ترجح أقواله و أحكامه في مثار الجدل و مجالات النزاع العلمي، فيكون قوله الفصل و حكمه العدل.
و تمر قرون و قرون و هو ذلك الصادق في القول، الموجه في دعوته و المعلم الأول لجميع المذاهب، و يبقى ذكره رغم الحواجز و العقبات، و ينتشر مذهبه بقوة الحق و وضوح الحجة، لا بقوة الحكومات و نفوذ السلطة.
و من العجيب أن يسمح البعض من كتّاب اليوم لنفسه بالتقوّل بما ليس له نصيب من الصحة، فيذهب إلى ادعاء صفاء العلاقة بين الإمام الصادق و المنصور، و أن المنصور هو الذي أطلق لقب الصادق على الإمام و ذلك مما ينافي الحقيقة، فقد رأينا كيف كان الإمام الصادق يواجه محنة دائمة بسبب المنصور، و كيف كان المنصور يواجه مشكلة مستعصية تتمثل في نهج الإمام و مدرسته و سلوكه و ميل القلوب إليه حتى أعجزه أمره لأن المكانة الروحية للإمام، و المنزلة العلمية التي طبعت ذلك الجيل بطابعها و تركت الناس يلهجون بذكر الإمام الصادق، ليس بسهل على المنصور