نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 549
نستحسن إذا قبل البعض الممضي نصيب الراد إذا امتنع البائع من قبوله أن نمضيه.
و على أي حال فإن الاستحسان في الفقه المالكي قد استعمل بكثرة، و نقلوا ذلك من مالك، و قد اختلفوا في تعريفه و في بيان المواضع التي يجيز مالك الأخذ به و يعتمد عليه في بناء الأحكام، و سيأتي بيان ذلك بصورة واسعة عند حديثنا عن أصول الفقه الجعفري و مقارنته مع غيره.
و قد حمل الشافعي على مالك في مسألة الاستحسان و عقد بابا في الأم سماه كتاب إبطال الاستحسان. و لقد بنى إبطال الاستحسان:
أولا: على أن الشارع ما ترك أمر الإنسان سدى، بل جاء في الشريعة بما فيه صلاحه و نص على الأحكام الشرعية الواجبة الاتباع و ما لم ينص عليه قد أشير إليه و حمل على النصوص بالقياس فلا شيء لم يبينه الشارع، و ترك بيانه للاستحسان، و إلا كان ثمة نقص في البيان.
ثانيا: لأن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) كان إذا نزلت به حادثة لم يجد بها نصا و لا حملا على نص سكت حتى ينزل وحي بالبيان، كما فعل عند ما جاءه من ينكر نسب ولد جاءت به امرأته فسكت حتى نزلت آية اللعان، لأنه لم يجد نصا، و لا حملا على نص فانتظر، و لو كان الإفتاء بغير النص أو الحمل عليه جائزا من أحد لجاز من النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم).
ثالثا: إن اللّه سبحانه أمر بإطاعته سبحانه و تعالى و إطاعة رسوله، و ذلك باتباع ما جاء في كتاب اللّه تعالى، ثم ما جاء في سنة رسوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و إن لم يكن نص فيهما كان الاتباع بالحمل على النص في أحدهما و الاستحسان ليس واحد منهما.
رابعا: إن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) قد استنكر تصرف من اعتمد على استحسانه من الصحابة لأنه لم يعتمد على نص.
خامسا: إن الاستحسان لا ضابط له و لا مقاييس يقاس بها الحق من الباطل. فلو جاز لكل مفت أو مجتهد أن يستحسن فيما لا نص فيه لكان الأمر فرطا، و لاختلفت الأحكام في النازلة الواحدة على حسب استحسان كل مفت، فيقال في الشيء ضروب من الفتيا و الأحكام، و ما هكذا تفهم الشرائع و لا تفسر الأحكام الدينية [1].