نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 285
ينطبق ذلك على الواقع، و رجال الأمة لم يكونوا بتلك الدرجة من الجهل و عدم المعرفة بحيث يجهلون الشيعة و ما لهم من الأثر في المجمع الإسلامي، فقبول مثل تلك المنكرات أمر شاق يصعب تحقيقه و يبعد نجاحه، و لكن السلطة بذرت تلك البذرة في أذهان السواد و جعلت تتعهدها و تحسن رعايتها بيد علماء السوء، الذين اتخذوهم أعوانا في ساعة هم أحوج إليهم فيها من السيف و الجند، فقوة فتكهم أثمرت الشحناء بين أفراد المجتمع الإسلامي، و تركوا له قرحة دامية في جسم الأمة أعجز رجال الإصلاح علاجها حتى أيامنا هذه.
و قد كان أولئك الدجالون على أنواع في الوضع، و اختلاف في الغاية. فمنهم من يضع الحديث طمعا في الدنيا و تزلفا لولاة الأمر و هم الذين نعبر عنهم بلجنة الوضع، و أول من اتخذ ذلك معاوية بن أبي سفيان [1] كما تقدم معنا.
و منهم من كان يتعصب لمبدئه فيضع الحديث تقوية له، و مخالفة لخصمه و يعدون ذلك تدينا، و سينالون الجزاء عليه يوم الجزاء.
و منهم من يضع الحديث في نصرة مذهبه، و هؤلاء يرون الانتصار لمذهبهم انتصارا للحق و مقاومة للباطل، و زين لهم الشيطان أعمالهم فراحوا يضربون الأحاديث بمهارة، و يخلقون الحكايات و القصص.
و يطول بنا الحديث إذا أردنا التوسع في البحث عن الوضاعين و الكذابين، و لعل لنا في الوقت متسعا فننشر أسماءهم، و قد أحصى شيخنا الأميني منهم عددا بلغ ستمائة و عشرين، و مجموع ما وضعوه من الأحاديث و ما قلبوا أسانيده على اختلاف الأهواء و النزعات فكان 408324 حديثا [2].
و قد أخرجنا من تلك الموضوعات ما يقارب الأربعمائة في الفضائل و المناقب و في بعضها أساطير لا أحاديث، و حكايات يصنعها القصاصون بمهارة و يبثونها بين الناس.
و من أعظم تلك الافتعالات هي أسطورة ابن سبأ التي لا زالت تحتل مكانتها فوق صفحات التاريخ و تأخذ وقتا من كتّاب عصرنا الحاضر.