نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 2 صفحه : 433
و هو توهّم فاسد، و إن شاع أمثال هذه التعبيرات في ألسنة الطلبة؛ فإنّ دليل «صدّق» لا يجعل غير الصادر صادرا و لا يعتبر سند مظنون الصدور، بل ينشئ حكما مماثلا لحكم الأمارة المظنونة الصدور، و هذا معنى اعتباره لها، و لا يتصوّر له معنى سواه.
إن قلت: مؤدّى: الأمارتين المتعارضتين بالعموم و الخصوص منضمّة هو ما عدا الخاصّ من العلم، فإذا شملهما دليل «صدّق» أنشأ حكما على طبق هذا المؤدّى، و هو معنى الجمع.
قلت: مفاد «صدّق» قول هذا العادل وحده و ذاك العادل وحده لا هذا منضمّا إلى ذاك، فينشأ بشموله لكلّ واحد من الأمارات مدلول ذاك الذي يشمله، و أمّا هذا منضمّا إلى ذاك فليس فردا لينشأ بشموله له ما هو قضيّة الجمع بينهما.
إن قلت: دليل «صدّق» و إن لم يشمل ابتداء إلّا هذا وحده و ذاك وحده لكن بعد أن كان ما ينشئه بشموله متهافتا متناقضا، فلا جرم يحمل على ما ذكرنا رفعا للتهافت و التناقض.
قلت: هذا هو مناط الجمع الذي نسب إلى صاحب عوالي اللئالي [1]، و سنشير إلى ضعفه، مع أنّه لو بني على ذلك لم تلزم رعاية جانب الأقوى دلالة، بل يجمع بينهما كيفما اتّفق، و لو برفع اليد عن الأظهر أو النصّ، فإنّه بمناط ترك السند دون ترك الدلالة.
[دخول موارد إمكان الجمع العرفي في البحث]
الثاني: في خروج مورد إمكان الجمع- و الأخذ بسند كلّ من الروايتين المتعارضتين- عن مورد البحث حتّى تختصّ أحكام التعادل و الترجيح بغير مورد إمكان الجمع- كما نسب إلى صاحب عوالي اللئالي- أو أنّه يعمّ الجمع، و يعامل معاملة المعارضة في الجميع؟ و هذا بعد الفراغ عن تقديم الجمع الدلالي و إلّا كان هذا أحرى بعدم الاعتناء منه.
لا إشكال في أنّ كلّ خطاب عامّ يجب الأخذ بعمومه مهما أمكن، و لا ترفع اليد عنه في شيء من مصاديقه مهما تيسّر. و قد عرفت أنّ معنى «صدّق» تقرير مؤدّى ظهور الروايات، و ينشأ الحكم على طبق مؤدّياتها، فإذا أخبر عادل بأنّ «ثمن العذرة سحت» و أخبر عادل آخر بأنّه «لا بأس ببيع العذرة» أنشأ «صدّق العادل» بشموله لهما مطابق هذين الحكمين، و حيث إنّه غير معقول فلا بدّ من الأخذ من مفاده بالمعقول، و المعقول أمور: الأخذ بتمام مدلوله بالنسبة إلى هذا الخطاب دون ذاك، أو ذاك دون هذا، أو التبعيض بأخذ مقدار من هذا