نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 136
جهتين: فتارة يبحث في إمكان الاجتماع و استحالته ذاتا، و أخرى في إمكانه و استحالته بالغير و من جهة كونه تكليفا بالمحال، فيستحيل صدوره من الحكيم، و في هذا يعتبر المندوحة إخراجا له عن التكليف بالمحال.
فعلينا أن نشرح البحث في كلّ من الجهتين مستقلّا كي لا يختلط كلام بكلام. و نعتذر إليك أمام البحث عمّا يقع من التكرار لبعض ما تقدّم في الأبحاث السابقة؛ فإنّ ذلك حرص على اجتماع جميع جهات الكلام في المقام كي لا يفوت أمر بتفرّقها.
[إمكان الاجتماع أو استحالته ذاتا]
فنقول: أمّا الجهة الأولى- أعني البحث عن إمكان الاجتماع و استحالته ذاتا- فهو بحث ناشئ عن الاشتباه في متعلّق الطلب، و أنّه هل يتعلّق بالوجود أو يتعلّق بالماهيّة؟ و بعبارة أخرى تخصّصات الوجود و حدوده يشمل الحدّ الذاتي و العرضي، فهل الوجود بحدوده متعلّق الحكم، أو متعلّق بحكم نفس الوجود و ذاته؟
فإن كان الأوّل فالوجود واحد و هو لا يتحمّل حكمين، و إن كان الثاني فالحدود متعدّد- و إن اجتمعا في وجود واحد و كانا جميعا حدّي وجود واحد- و العبرة في الجواز و الامتناع على وحدة معروض الحكم و تعدّده لا على وحدة ما هو الخارج عن هذا المعروض و تعدّده.
و الحقّ في المقام هو أنّ متعلّق الطلب تحديد الوجود لا إحداثه و جعله، فلا بأس بالاجتماع بل ليس باجتماع في معروض واحد.
و الذي يدلّك على ذلك وجوه:
الأوّل: أنّ ما يصدر منّا من الأفعال ليس إلّا تحديد الموجودات، و التصرّف في الموجودات، و إخراج موجودات هذا العالم من حدّ إلى حدّ، و من كساء إلى كساء دون إحداث الوجود و خلقه؛ فإنّ ذلك خارج من وسعنا و لا تتعلّق به قدرتنا، و ما لا تتعلّق به القدرة لا يتعلّق به الطلب من المولى و لا الإرادة من النفس، فشغلنا تبديل الصيغة و حركة الموجودات و نقلها من حدّ إلى حدّ و من مرتبة إلى مرتبة.
و السائر في تمام المراتب أصل محفوظ لا يعتريه كثرة، و واحد متّصل ليس له انفصام، و هو حاصل لا بتحصيلنا، ففي مثال «صلّ» و «لا تغصب» تحديد البدن بالحركات الصلاتيّة واجب، و تحديده بالحركات الغصبيّة حرام. فإذا صلّى في الدار المغصوبة فمطابق كلمة الصلاة حدّ غير الحدّ الذي هو مطابق كلمة الغصب، و مطابق الأوّل مأمور به و مطابق الثاني
نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 136