و أمّا عدم سراية المخصّص المنفصل إلى العامّ و عدم استلزامه الإجمال من حيث الظهور، فلما عرفت أيضا من أنّ انعقاد الظهور للكلام يدور مدار تماميّته، و بعد ما تمّ يتحقّق له الظهور قهرا، فحينئذ بعد ورود المخصّص المجمل المنفصل فإذا كان مردّدا بين المتباينين فلا يمكن الأخذ بظهور العامّ في شيء منهما، للعلم بأنّه ليس بتمام الموضوع واقعا، و إنّما هو جزؤه.
و إذا كان مردّدا بين الأقلّ و الأكثر فبالنسبة إلى الأقلّ لمّا يقطع بكونه مرادا من الخاصّ، فيصير ظهور العامّ غير متّبع بالنسبة إليه، و أمّا بالنسبة إلى الأكثر فلمّا ليس على خلاف ظهوره، العامّ حجّة، فلا بدّ من الأخذ به بلا مزاحم أصلا، كما لا يخفى.
و بعبارة اخرى؛ أنّ المخصّص المجمل إذا كان متّصلا بالعامّ، فأصل الظهور التصديقي الّذي يصحّح الإخبار و النقل عن المتكلّم بما قال، غير منعقد، لما تقدّم من أنّه ما لم يتمّ الكلام بلواحقه لا يجوز ذلك، فإذا اتّصل بالكلام ما يصلح للقرينيّة و لم تكن مبيّنة فلا يصحّ الإخبار بأنّه قال كذا و كذا، بل يصير كلامه مجملا، فيوجب سقوط العامّ عن الاعتبار بالنسبة إلى ما يحتمل كونه مصداقا للمخصّص، و ذلك هو ملاك الإفادة و الاستفادة عند العقلاء، بحيث ما لم يتحقّق الدرجة الثالثة- و هو حكمهم بأنّه كذا أراد المتكلّم- فهو ليس مأخوذا بكلامه.
و أمّا إذا كان منفصلا؛ فلمّا كان قبل تحقّقه تمام هذه المراتب حتّى الدرجة الثالثة للعامّ ثابتا، فظهوره متّبع مطلقا، و إذا تحقّق المخصّص فهو يصير بمنزلة البيان للعامّ و ما قاله المتكلّم، فلذلك يمنع عن الأخذ بظهور لفظه و يسقطه عن