كلامه بقرينة صارفة عن ذاك المعنى المسبوق يستكشف منه أنّ ما ذكر لم يكن تمام مراده.
و مدلول تصديقي، و هو عبارة عمّا لو نقل بالمعنى يقال، هكذا قال المتكلّم، و هو عبارة اخرى عمّا يتحصّل من مجموع كلامه بعد ما سكت، و هذا إنّما يتمّ بعد تماميّة الكلام و بلوغه إلى آخره، بحيث يصدق أن يقال: قال المتكلّم، فإذا قال: له عليّ عشرة إلّا درهما يصدق أنّه أقرّ بالتسعة، و انعقاد ظهور اللفظ بالنسبة إلى هذا المعنى من المدلول الّذي نسمّيه بالظهور التصديقي إنّما هو بتماميّة كلامه و سكوته، فلو أتى بعد ذلك بما ينافي هذا الظهور، فهو لا يوجب رفع ظهوره من أوّل الأمر، فمرادهم من قولهم: إنّ المخصّص المنفصل لا يوجب التعنون إنّما هو بالنسبة إلى الظهور الكلامي بالإضافة إلى مدلوله التصديقي.
و مرادهم من قولهم: إنّه يوجب تعنون العامّ، إنّما هو بالنسبة إلى ما هو موضوع الحكم الواقعي، إذ لا إشكال في أنّه بعد ورود التخصيص يستكشف أنّ العامّ ما كان تمام الموضوع للحكم، بل هو جزء الموضوع فيخرج عن ظهوره، فاتّضح أنّه لا مناقضة بين القضيّتين أصلا.
تحقيق المقام
إذا ظهر ذلك فنقول: أمّا إنّ إجمال المخصّص المتّصل يسري إلى العامّ حقيقة، فلأنّه قد عرفت أنّ المدار في الظهور التصديقي الّذي هو المدار في الحجيّة إنّما هو بتماميّة الكلام و بمجموع ما يتحصّل من كلام المتكلّم، فإذا اتّصل بالعامّ ما يكون مجملا فلا يمكن أن يتحقّق ظهور بالنسبة إلى مقدار إجمال المخصّص المتّصل.