و فيه: أنّ مورد عدم جريان الحكم الشرعي إنّما يكون في الامور المنجعلة ذاتا كحجيّة العلم، فلمّا كانت يد الجعل بالنسبة إليها قاصرة فالحكم الشرعي الناشئ عن الملازمة لا يكون هناك، و هذا ينحصر بما أشرنا [إليه] من حجيّة العلم و مسألة حسن الإطاعة و قبح المعصية، و ذلك لأنّ حجيّة العلم ذاتيّة و حجيّة كلّ شيء بسببه، فلو بني كون حجيّته أيضا من الخارج يلزم الدور أو التسلسل [1]، و هكذا لزوم إطاعة المولى، فلو كان يحتاج إلى أمر منه يقع الكلام في لزوم إطاعة أمره هذا، فلذلك مسألة الحكم الشرعي بالنسبة إلى الامور الثلاثة غير معقولة.
و أمّا في غيرها من الموارد الّتي يستقلّ العقل بالحسن أو القبح يستتبع الحكم الشرعي أيضا؛ للملازمة بينهما.
التشريع مفسد للعبادة
فعلى هذا؛ التشريع كما أنّه تمام الموضوع لحكم العقل بالقبح، موضوعيّته لحكم الشرع بالحرمة أيضا تامّ، فالفعل الّذي يؤتى به عبادة مع الشكّ في مشروعيّته لا إشكال في حرمته.
و إنّما البحث في أنّ هذه الحرمة تسري إلى الفعل أيضا، أم لا، بل التشريع لمّا كان يرجع إلى الاستناد الّذي هو أمر قلبي فلا ربط له بالعمل، فهو لو فرضت مطابقته للواقع و اتي بداعي القربة جائز و صحيح، و إنّما الحرام هو الاستناد؟
[1] دفعا لهما فكلّ ما بالعرض لا بدّ و أن ينتهي إلى ما بالذات، «منه (رحمه اللّه)».