هذا؛ و لكنّ الظاهر في باب النواهي أن يكون النهي لأجل مبغوضيّة متعلّقه، لقيام المفسدة فيه، لا أنّ المطلوب هو خلوّ صفحة الوجود عنه، بل مبغوضيّة الطبيعة بأفرادها أوجبت النهي عنها، و مبغوضيّة الطبيعة تسري إلى جميع أفرادها، فينحلّ النهي حسب تعدّد الأفراد و يكون لكلّ فرد معصية تخصّه، من غير فرق بين أن يكون للنهي تعلّق بموضوع خارجي كقوله: لا تشرب الخمر! أو ليس له تعلّق بموضوع خارجي كقوله: لا تكذب!
غايته أنّ الانحلال في ما إذا كان له تعلّق بموضوع خارجي يكون بالنسبة إلى كلّ من الموضوع و المتعلّق، فيكون كلّ فرد من أفراد الشرب الّذي يمكن أن يقع الشرب عليه لكلّ فرد من أفراد الخمر مبغوضا و متعلّقا للنهي، و فيما إذا لم يكن له تعلّق بموضوع خارجي يكون الانحلال في ناحية المتعلّق فقط.
و على كلّ حال؛ لا ينبغي التأمّل في أنّ الظاهر في باب النواهي أن يكون [المطلوب] فيها هو ترك كلّ فرد فرد على نحو العامّ الاستغراقي، و دلالة النهي على ذلك في الأفراد العرضيّة ممّا لا إشكال فيه.
و أمّا الأفراد الطوليّة فدلالة النهي عليها مبنيّة على أن يكون نفس تعلّق النهي بالطبيعة يقتضي ترك جميع الأفراد العرضيّة و الطوليّة، بحيث يكون مفاد صيغة النهي في مثل: لا تشرب الخمر؛ هو أن يكون شرب الخمر في كلّ آن آن مبغوضا [فيدلّ النهي على المنع في الأفراد الطوليّة أيضا] فيكون العموم الزماني مستفادا من نفس النهي حينئذ؛ بلا حاجة إلى مقدّمات الحكمة، بل النهي وضعا يدلّ على ذلك، و يكون نفس مصبّ العموم الزماني هو المتعلّق لا الحكم.
و قد ذكرنا ما عندنا في ذلك في تنبيهات الاستصحاب عند تعرّض