إخراج الفرد المبتلى به عن إطلاق الأمر بالطبيعة، فإذا كانت الطبيعة منطبقة عليه قهرا فإتيانه مجز عقلا [1].
و حاصل تقريب ما أفاد: أنّه لا شبهة أنّ الأمر إذا تعلّق بصرف الوجود فالقدرة على أحد أفراده يكفى لحسن الخطاب، و لا يسقط بمجرّد عدم التمكّن شرعا عن بعض أفراده، فالعقل و إن اعتبر القدرة في حسن الخطاب إلّا أنّه يعتبرها في المكلّف و الفاعل لا في متعلّق الخطاب، و الفاعل إذا تمكّن من أحد أفراد ما تعلّق الأمر بصرف وجوده قادر على الطبيعة، و لا يحتاج في كلّ فرد منها إلى الأمر، بل لا يسري الأمر إلى الطبيعة المطلوب منها صرف الوجود إلى كلّ فرد حتّى لو لم يكن هنا مزاحم، فحينئذ إذا كفت القدرة في أصل الطبيعة و لم يحتج كلّ فرد إلى الأمر، و لم تعتبر القدرة في متعلّق التكليف، فيصحّ إتيان الطبيعة في ضمن هذا الفرد الّذي يكون المكلّف عاجزا عن إتيانه شرعا بل عقلا، لأنّ الممتنع الشرعي كالممتنع الخارجي.
و لا يقال: لا شبهة أنّ تقييد الهيئة موجب لتقييد المادّة، فإذا كان الإيجاب مشروطا بقدرة المكلّف فيقتضي أن يكون الشرط شرطا للواجب أيضا.
لأنّا نقول: لو سلّم كون الهيئة قابلة للتقييد، و تقييدها موجبا لتقييد المادّة، إلّا أنّ تقييد المادّة للتبعيّة إنّما هو بمقدار الحاجة إلى التقييد لا الأزيد من ذلك، و ما يقتضي تقييد الإيجاب ليس إلّا قدرة المكلّف على أصل الوجود لا مطلق الوجود، فلا موجب لتقييد المكلّف به و اعتبار المقدوريّة في جميع أفراده.
و لذا تقييد وجوب الحجّ بالاستطاعة الشرعيّة لا يقتضي تقييد جميع أفراد