فحينئذ يشكل بأنَّ تعليل عدم وجوب إعادة الصلاة بعد العلم بوقوعها في النجس بقوله:
(لأنّك كنت على يقين من طهارتك ...)
إلى آخره، كيف يصلح مع كون الإعادة من النقض باليقين؟!
نعم إنَّما يصلح عدم نقض اليقين بالشكّ علّة لجواز الدخول في الصلاة، لا لعدم الإعادة [1].
و توضيح الإشكال: أنَّ الظاهر من الرواية أنَّ تمام العلّة لعدم وجوب الإعادة هو عدم جواز نقض اليقين بالشكّ، من غير دخالة شيءٍ آخر فيه، كاقتضاء الأمر الظاهريّ للإجزاء، أو كون إحراز الطهارة شرطاً للصلاة لا نفسها، أو كون إحراز النجاسة مانعاً لها لا نفسها، فالاستناد إلى شيءٍ آخر غير التعليل المذكور في عدم وجوبها خروج عن ظهورها.
و ممّا ذكرنا يظهر: أنَّ الأجوبة التي تمسّكوا بها في المقام لا تدفع الإشكال [2].
و غاية ما يمكن أن يقال في المقام: أنَّ وجه تخصيص زرارة هذه الفقرة بالسؤال عن العلّة أنَّ الإعادة في الفقرتين السابقتين- أي في صورة النسيان و العلم الإجماليّ- كانت موافقة للقاعدة؛ لأنَّ مقتضاها أنَّ النجاسة بوجودها الواقعيّ مانعة، و كذا الطهارة شرط بوجودها الواقعيّ على فرض شرطيّتها لها، فرأى جواب الإمام على وفق القاعدة، فلم يسأل عن علّتها، و لا ينافي ذلك سؤاله عن أصل المسألة؛ لاحتمال كون حكم اللَّه في الموردين مُخالفاً للقاعدة.
[1]- حكى هذا الإشكال الشيخ الأنصاري عن السيد صدر الدين شارح الوافية، لاحظ كتاب الرسائل: 331 سطر 3.
[2]- انظر رسائل الشيخ الأنصاري: 331 سطر 9، كفاية الاصول: 447، فوائد الاصول 4: 342- 352، نهاية الأفكار 4: 47 و 52.