و إن قلنا: بأنَّ مفاد أدلّته هو إبقاء اليقين، و إطالة عمره في عالم التشريع- كما احتملناه و استظهرناه سالفاً [1]- فليس وجهه الحكومة، بل التخصيص؛ لأخصيّة دليلها من دليله.
و إن قلنا: بأنَّ مفاد أدلة الاستصحاب هو لحاظ الشكّ و اليقين، و أنَّ الشكّ لأجل كونه أمراً غير مُبرم لا ينقض اليقين الذي هو أمر مُبرم، كما هو ظاهر الأدلّة [2]، و ليس مفادها مُجرّد إطالة عمر اليقين، و إلغاء الشكّ رأساً.
فحينئذٍ: يكون التقدّم بالحكومة أيضاً؛ لأنَّ أحد الدليلين يكون مفاده أنَّ الشّك المُتحقّق لا ينقض اليقين، و مفاد الآخر أنَّ الشكّ غير مُتحقّق
(و إنّما الشكّ إذا كنت في شيءٍ لم تجزه)
. و إن قلنا: بأنَّ الشكّ موضوع في القاعدة، و أنَّ قوله:
(فشكّك ليس بشيءٍ)
ليس معناه عدم تحقّقه، بل كناية عن عدم لزوم الاعتناء به، أو عدم جوازه، و قوله:
(إنّما الشكّ إذا كنت ..)
إلى آخره بعد كون المفروض في صدره وقوع الشكّ ليس إلّا عدم لزوم الاعتناء به، و أنَّ قوله:
(قد ركعت)
بعد مسبوقيّته بالسؤال عن حال الشكّ لا يفيد إلّا البناء على الوجود في حال الشكّ، كان تقدّمها عليه بما ذكره الأعلام من حصول اللّغوية أو الاستهجان [3]، و لعلّ هذا الوجه أقوى الوجوه.
و كيف كان: لا إشكال في تقدّمها عليه، كما لا ثمرة مُهمّة في تحقيق وجهه.