و الظاهر أنَّ الفرق بين الموضع الخامس و السادس اللذين جعلهما عنوانين ليس باختصاص الكلام في الأوّل بالشروط الشرعيّة، و في الثاني بالشروط العقليّة كما قيل؛ لمخالفته للتمثيل بالموالاة لكلمات الآية، فإنَّه بإطلاقه يشمل الموالاة العرفيّة المُعتبرة شرعاً، بل الموالاة الماحي تركها للصورة.
و الموالاة في كلمات الآية أيضاً لا يبعد أن تكون ممّا اعتبره الشارع؛ لأنَّ الأمر بالقراءة يدعو إلى إيجاد ما هو قراءة عُرفاً، و هي لا تتحقّق إلّا بإتيانها على النحو المُتعارف، و هذا ليس من الأمر العقليّ المحض، كإحراز الستر قبل الصلاة مُقدّمة لتحقّق أوّل الجزء مع الستر؛ فإنَّ هذه المُقدّمة لم يتعلّق بها غرض و أمر، بخلاف الأمر إلى القراءة و ذكر الركوع و السجود.
بل الفرق الذي يمكن أن يكون مُراده: أنَّ الشرائط على قسمين.
أحدهما: ما يكون لها نحو وجود مُستقلّ، كالطهارة و الستر و القبلة.
و ثانيهما: ما لا تكون كذلك، كالمُوالاة في حروف الكلمة و كلمات الآية؛ فإنَّها لا تكون موجودة إلّا بنفس الكلمة و الآية، و ليس لها وجود استقلاليّ، فلا يشملها قوله:
(كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى)
و لا سائر العناوين المأخوذة في الأدلّة، بخلاف الشروط التي من قبيل الأوّل.
هذا ما وجّه به كلامه بعضُ المُحقّقين، و قد جعل من قبيل ما ذكره في المقام الشكّ في إطلاق الماء و إضافته [1].
و فيه: أنَّ ما اعتبره الشارع في الصلاة و يكون تحت تصرّفه و جعله هو كون الصلاة مُتقيّدة بالطهارة أو الستر أو القبلة، أو كون المُصلّي حال صلاته طاهراً مُتستّراً مُستقبل القبلة، و هذه الامور من الانتزاعيّات أيضاً، و يكون وجودها بعين منشأ انتزاعها
[1]- حاشية المحقّق الهمداني على الرسائل: 112، و انظر أوثق الوسائل: 555.