[1] و ظاهر الأدلّة الواردة في النهي عن الصلاة في النجس [2]، كالأدلّة الواردة في عدم جوازها في غير المأكول من غير فرق بينهما.
و الذي يمكن أن يقال: إنَّ الميزان في التخلّص من الأصل المُثبت كما ذكرنا أن يصير المُستصحب مُندرجاً تحت كبرى شرعيّة، فإذا استصحبت الطهارة الخبثيّة أو الحدثيّة يصير الموضوع مُندرجاً تحت الكبرى المُستفادة من قوله:
(لا صلاة إلّا بطهور)
؛ فإنَّ المُستفاد منه أنَّ الصلاة مُتحقّقة بالطهور بعد حفظ سائر الجهات، فإذا قال الشارع: «إنَّ الصلاة تتحقّق بالطهور»، و قال في دليل آخر: «إنَّ الطهور مُتحقّق» يحكم بصحّة الصلاة المُتحقّقة مع الطهور الاستصحابيّ، و يجوز الاكتفاء بالصلاة معه، و كذا فيما إذا كان لابساً لغير المأكول يحرز فساد صلاته؛ فإنَّ استصحاب لابسيّة وَبَر غير المأكول ممّا يندرج الموضوع به في قوله: «الصلاة في وَبَر غير المأكول فاسدة».
و أمّا استصحاب عدم لابسيّة غير المأكول فممّا لا يندرج به الموضوع تحت كبرى شرعيّة؛ لعدم ورود دليل شرعيّ ب «أنَّ الصلاة مُتحقّقة إذا لم تكن في غير المأكول» و إنّما هو أمر عقليّ ينتزع من قوله: «الصلاة في كلّ شيءٍ من غير المأكول فاسدة»، فيحكم العقل بأنَّ الصلاة إذا وجدت في غير ذلك لا تكون فاسدة.
هذا غاية ما يمكن أن يفرّق بينهما.
و لكن مع ذلك لا يخلو من نظر؛ لإمكان أن يقال: إنَّ مثل قوله:
(لا صلاة إلّا بطهور)
إنّما هو بصدد جعل شرطيّة الطهور للصلاة، أو الإرشاد إليها، و مثل قوله:
«الصلاة في وَبَر ما لا يؤكل فاسدة»، أو «لا تصلّ فيه» [3] إنّما هو بصدد جعل المانعيّة
[1]- التهذيب 1: 49/ 144، الاستبصار 1: 55/ 160، الوسائل 1: 222/ 1- باب 9 من أبواب أحكام الخلوة.
[2]- انظر الكافي 3: 405/ 5، التهذيب 1: 263/ 766 و 279/ 819 و 2: 358/ 1485، الاستبصار 1: 189/ 662، الوسائل 2: 1017/ 2- باب 13 و 1020/ 10- باب 14 من ابواب النجاسات.
[3]- انظر علل الشرائع: 342/ 2، التهذيب 2: 209/ 820، الوسائل 3: 251/ 5- باب 2 من أبواب لباس المصلّي، مستدرك الوسائل 1: 201/ 2- باب 2 من أبواب لباس المصلّي.