المقتضي فلا يسمّى فوتا، كما في الصبي و المجنون، و ما كان لوجود المانع كالنوم و القصور مثلا، فيسمّى فوتا؛ و يشكل الأمر في الحيض، فإنّه مانع مع أنّه لا قضاء عليها، و يمكن القول بخروجها بدليل خاص.
هذا إجمال الكلام، و أمّا تفصيله فإنّه إن قلت: إنّ المقصّر إذا اطّلع بعد فوات الوقت على عدم المطابقة، سلّمنا صدق الفوات عليه، فيلزم عليه القضاء للعموم من فات منه فريضة؛ و أمّا القاصر إن كان اطّلاعه على ذلك بعده، فلا نسلّم شمول النصّ له، لأنّ الصلاة الواقعيّة لم يكن فريضة عليه في الوقت، و إلّا لزم التكليف بما لا يطاق؛ و بعد ما لم يكن فريضة عليه، فلا يصدق الفوات.
قلت أوّلا: إنّ الفوات أمر عرفيّ، بمعنى أنّ المعيار في صدقه على العرف؛ و بعد ما راجعنا إلى عرف، وجدنا يطلقون الفوات على القاصر و النائم و الساهي دون الصبي و المجنون، و كان اللم فيه أنّ المقتضي للتكليف في الأوّلين موجود، لكن لمّا كان المانع أيضا موجودا لا يمكن الحكم بتوجّه العقاب عليهم، بخلاف الأخيرين، فإنّ المقتضي فيهما مفقود، و لذا لا يصدق عليهم الفوت و إن كان المانع أيضا مفقودا، و لذا نريهم يحكمون بفوت الربح لمن كان له قنية و عقل عن التجارة، بخلاف من لم يكن له البضاعة أصلا.
و ثانيا: سلّمنا عدم صدق الفوت، لكن القائلين بأنّ القضاء تابع للأداء، يحكمون بأنّ الصلاة مثلا كانت في نفسها واجدة للمصلحة، و خصوصيّة وقت الظهر لها مصلحة أخرى زائدة على المصلحة الأولى.
و بعبارة أخرى: عندهم قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أمران، أحدهما الأمر بالصلاة لا بشرط، و الآخر الأمر بالصلاة بشرط شيء و هو في وقت الظهر.
و بعبارة أخرى: الموقّت عندهم يفيد تعدّد المطلوب، فبمجرّد فوات إحدى المصلحتين و هي مصلحة الوقت، لا يستلزم ترك المصلحة الأخرى و هو الإتيان