ففى الآية دلالة على انّ تقليد العامى من المجتهد المفتى هو العمل على طبق قوله و فتواه.
و لا يخفى انّ بيان الأحكام قد يكون بحكاية قول النبىّ (ص) و الأئمّة (عليهم السلام)، و ذلك هو الرّواية و الحديث. و هذا معمول فى الصدر الأوّل و قد يكون بحكاية ما يستفيد من قولهم و فعلهم و تقريرهم (عليهم السلام)، و ذلك هو الإفتاء و الأخبار بما تفقّهوا و تحمّلوا و اجتهدوا من كلامهم (عليهم السلام) و امّا جملة (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) فى الآية الكريمة، أظهر فى الدّلالة على الاجتهاد فى الدّين من نقل الحديث.
فان التّفقّه فى الآية هو الرأى و النظر الاجتهادي، فاذا بلغ المتفقّه الى هذه الدّرجة يجب قبول قوله.
الآية دالّة على وجوب التّقليد من الفقيه:
فتكون الآية دالّة على انّ الأحكام الصادرة من الفقيه المجتهد العالم فى الدّين، تكون حجّة على العامى، و يجب عليه ان يعمل على طبق نظره و فتواه. فتكون الآية دليلا على وجوب التّقليد للعامىّ الّذى لا اجتهاد له فى الدّين عن الفقيه العارف بالأحكام.
اشكال المحقّق الكمبانى:
لكن عند المحقّق الكمبانى (قدّس سرّه) خلاف ذلك.
و هو يقول: و من الواضح انّ صدق التفقّه فى الصدر الأوّل بتحصيل العلم بالأحكام الشريعة بالسّماع من النبى الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) او الائمّة. فلا دلالة للآية حينئذ الّا على حجيّة الخبر فقط و الإنذار بحكاية ما سمعوه من المعصوم، من ترتّب العقاب على شىء فعلا او تركا. بل الإفتاء و القضاء ايضا كان فى الصدر الأوّل بنقل الخبر فتدبّر. [1]
[1]- المحقّق الكمبانى فى رسالته فى الاجتهاد و التّقليد.