و يحتمله عقله، و كانوا ينهون أصحابهم عامة عن العمل «بالرأي و القياس و الاجتهاد» فيما ليس فيه نص، و يأمرونهم بالوقوف عند ما لا يعلمون حكمه و الرد إليهم و سؤالهم عنه.
إلى أن وقعت «الغيبة الصغرى» فأمرهم صاحب الأمر (عليه السلام) بالرجوع إلى رواة أحاديثهم، و أخذ الأحكام عنهم كما نطق به «التوقيع الأشرف» الذي تقدم ذكره، و لم يكن للشيعة في «أصول الفقه» تأليف لعدم احتياجهم إليه؛ لوجود كل ما لا بدّ لهم منه من ضروريات الدين و نظرياته في «الأصول» المنقولة عن أيمة الهدى (ع).
إلى أن جاء ابن الجنيد فنظر فى «أصول العامة و فروعهم» و ألّف الكتب على ذلك المنوال حتى أنه عمل «بالقياس» فلذلك أعرض القدماء عن كتبه.
و لما وصلت النوبة إلى الشيخ المفيد و السيد المرتضى و الشيخ، و أكثروا البحث مع العامة و استدلوا على إثبات بعض «أصول المذهب و فروعه» بالأدلة العقلية الجدليّة الموافقة لطريق العامة؛ لان مرادهم إبطال الباطل و إحقاق الحق بما يعترف به الخصم و إن كان في نفسه باطلا فمهما ظننت فلا تظن بقدمائنا أنهم خرجوا عن طريق أصحاب الأيمة، أو تركوا الحديث و عملوا بغيره.
فان قلت: إن كثيرا من فتاوى الشيخين و المرتضى لا يوافق الحديث فلا بد أن يكون عملهم فيها «بالاجتهاد».
قلت: الأحاديث التي كانت عندهم لم تصل إلينا كلها، فربما اطلعوا على ما لم يطلع عليه فعملوا به مع أن ما ليس له مأخذ من أحاديثنا الموجودة في فتاوى المفيد و المرتضى؛ لا يكاد يوجد، و أما الشيخ فقد نص في أواخر