منه الدّاعي الى سبيلي و الخازن لعلمي الحسن. ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين .. عليه كمال موسى و بهاء عيسى و صبر أيوب .. يستذلّ أوليائي في زمانه و تهدى رءوسهم كما تتهادى رءوس الترك و الديلم فيقتلون و يحرقون و يكونون خائفين مرعوبين وجلين ..
تصبغ الأرض بدمائهم و يفشو الويل و الرنة في نسائهم .. أولئك أوليائي .. حقا، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس، و بهم أكشف الزلازل و أرفع الآصار و الأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربّهم و رحمة، و أولئك هم المهتدون.
و روي ان أبا محمّد ولد سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة و كانت أمه جهان شاه بنت (يزدجرد ملك) آخر ملوك الفرس و هو يزدجرد بن شهريار. و كان من حديثها أنّها و اختها سبيتا في أيام عمر بن الخطاب فأقدمتا، و أمر عمر أن ينادى عليهما مع السبي المحمول، فمنع أمير المؤمنين (عليه السّلام) من ذلك و قال: ان بنات الملوك لا يبعن في الأسواق.
ثم أمر امرأة من الأنصار حتى أخذت بأيديهما فدارت بهما على مجالس المهاجرين و الأنصار تعرضهما على من يتزوّج بهما. فأول من طلع الحسن و الحسين فوقفا فخطباهما لأنفسهما. فقالتا: لا نريد غيركما.
فتزوّج الحسن ب (شهربانو) و تزوّج الحسين ب (جهانشاه). فقال أمير المؤمنين للحسين (عليه السّلام): احتفظ بها و أحسن إليها فستلد لك خير أهل الأرض بعدك.
فولدت علي بن الحسين. فكان مولده و منشؤه مثل مواليد آبائه (عليهم السّلام) و منشئهم.
و توفيت بالمدينة في نفاسها فابتيعت له داية تولّت رضاعه و تربيته؛ و كان يسمّيها أمي.
فلما كبرت زوّجها بسلام مولاه فكان بنو أميّة يقولون: ان علي بن الحسين زوّج أمه بغلامه. و يعيّرونه بذلك.
و كان يسمّى (عليه السّلام) سيّد العابدين؛ لأنّه روي انّه كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة.
و حضر يوم الطف مع أبيه و كان عليلا به بطن قد سقط عنه الجهاد. فلما قرب استشهاد أبي عبد اللّه (عليه السّلام) دعاه و أوصى إليه و أمره أن يتسلّم ما خلّفه عند أم سلمة- (رحمها اللّه)- مع مواريث الأنبياء و السلاح و الكتاب.
فلما استشهد حمل علي بن الحسين مع الحرم و أدخل على اللعين يزيد و كان لابنه