فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ ، وَمَا هُوَ مِنْ زِنًا تُكَرِّرُ ذَلِكَ أَرْبَعًا ، ثُمَّ تَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ ، وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ إنْ كَانَ زَوْجِي مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ فَإِذَا أَكْمَلَتْ هَذِهِ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا عَنْهَا ، وَانْتَفَى الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَحَرُمَتْ عَلَى الْأَبَدِ .وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا وَقَعَتْ بِهِ الْفُرْقَةُ ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ وَاقِعَةٌ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ .وَقَالَ مَالِكٌ : الْفُرْقَةُ بِلِعَانِهِمَا مَعًا ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِهِمَا حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ ؛ وَإِذَا قَذَفَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا حُدَّتْ ، وَلَمْ تُلَاعَنْ ، وَإِذَا أَكَذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَحُدَّ لِلْقَذْفِ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ الزَّوْجَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحَلَّهَا أَبُو حَنِيفَةَ الْفَصْلُ الْخَامِسِ : فِي قَوَدِ الْجِنَايَاتِ وَعَقْلِهَا الْجِنَايَاتُ عَلَى النُّفُوسِ ثَلَاثَةٌ : عَمْدٌ ، وَخَطَأٌ ، وَعَمْدٌ شِبْهُ الْخَطَأِ .فَأَمَّا الْعَمْدُ الْمَحْضُ فَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ قَتْلَ النَّفْسِ بِمَا يُقْطَعُ بِحَدِّهِ كَالْحَدِيدِ أَوْ بِمَا يَمُورُ فِي اللَّحْمِ مَوْرَ الْحَدِيدِ أَوْ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا بِثِقَلِهِ كَالْحِجَارَةِ وَالْخَشَبِ فَهُوَ قَتْلٌ عَمْدٌ يُوجِبُ الْحَدَّ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْعَمْدُ الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ مَا قُتِلَ بِحَدِّهِ مِنْ حَدِيدٍ وَغَيْرِهِ إذَا مَارَ فِي اللَّحْمِ مَوْرًا ، وَلَا يَكُونُ مَا قَتَلَ بِثِقَلِهِ أَوْ أَلَمِهِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَالْخَشَبِ عَمْدًا ، وَلَا يُوجِبُ قَوَدًا .وَحُكْمُ الْعَمْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ حُرًّا مَعَ تَكَافُؤِ الدَّمَيْنِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْقَوَدِ وَلَيْسَتْ لَهُ الدِّيَةُ إلَّا عَنْ مُرَاضَاةِ الْقَاتِلِ .وَوَلِيُّ الدَّمِ هُوَ وَارِثُ الْمَالِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ .وَقَالَ مَالِكٌ : أَوْلِيَاؤُهُ ذُكُورُ الْوَرَثَةِ دُونَ إنَاثِهِمْ وَلَا قَوَدَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى اسْتِيفَائِهِ ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمْ سَقَطَ الْقَوَدُ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ .وَقَالَ مَالِكٌ : لَا يَسْقُطُ ، وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَكُنْ لِلْبَالِغِ وَالْعَاقِلِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْقَوَدِ وَتَكَافُؤُ الدَّمَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ لَا يَفْضُلَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِحُرِّيَّةٍ ، وَلَا إسْلَامٍ ، فَإِنْ فَضُلَ الْقَاتِلُ عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا فَقَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ مُسْلِمٌ كَافِرًا ، فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا اعْتِبَارَ بِهَذَا التَّكَافُؤِ فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَالْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ وَمَا تَتَحَامَاهُ النُّفُوسُ مِنْ هَذَا وَتَأْبَاهُ قَدْ مَنَعَ الْقَائِلِينَ بِهِ مِنْ الْعَمَلِ عَلَيْهِ .حُكِيَ أَنَّهُ رُفِعَ إلَى أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا فَحَكَمَ عَلَيْهِ الْقَوَدَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِرُقْعَةٍ فَأَلْقَاهَا إلَيْهِ فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ ( مِنْ السَّرِيعِ ) :