responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 327


154 - ومن خطبة له عليه السّلام يذكر فيها بديع خلقة الخفاش الحمد للَّه الَّذى انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته ، هو اللَّه الملك الحقّ المبين ، أحقّ وأبين ممّا تراه العيون ، لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبّها ، ولم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثّلا ، خلق الخلق على غير تمثيل ، ولا مشورة مشير ، ولا معونة معين ، فتمّ خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته فأجاب ولم يدافع وانقاد ولم ينازع . ومن لطائف صنعته ، وعجائب حكمته ، ما أرانا من غوامض الحكمة فى هذه الخفافيش الَّتى يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شيء ، ويبسطها الظَّلام القابض لكلّ حىّ ، وكيف عشيت أعينها ، عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدى به فى مذاهبها ، وتصل بعلانية برهان الشّمس إلى معارفها ، وردعها تلألؤ ضيائها عن المضىّ فى سبحات إشراقها ، وأكنّها فى مكا منها عن الذّهاب فى بلج ائتلاقها ، فهى مسدلة الجفون بالنّهار على أحداقها ، وجاعلة اللَّيل سراجا تستدلّ به فى التماس أرزاقها ، فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته ، ولا تمتنع من المضىّ فيه لغسق دجنّته ، فإذا ألقت الشّمس قناعها ، وبدت أوضاح نهارها ، ودخل من إشراق نورها على الضّباب فى وجارها أطبقت الأجفان على مآقيها ، وتبلَّغت بما اكتسبت من فيء ظلم لياليها . فسبحان من جعل اللَّيل لها نهارا ومعاشا ، والنّهار سكنا وقرارا ، وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطَّيران ، كأنّها شظايا الآذان غير ذوات ريش ولا قصب ، إلَّا أنّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما ، لها جناحان لمّا يرقّا فينشقّا ، ولم يغلظا فيثقلا ، تطير وولدها لاصق بها ، لاجىء إليها : يقع إذا وقعت ، ويرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتّى تشتدّ أركانه ، ويحمله للنّهوض جناحه ، ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه ، فسبحان البارى لكلّ شيء على غير مثال خلا من غيره .
اقول : انحسار الأوصاف : كلالها عن كشف حقيقته لبراءتها عن التركيب .

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست