محدودة ، أو مأخذوة من أطباء جند يشابور ، أو من أي من البلاد التي تحيط بهم . وأما إذا كان يقصد بطب ما بعد ظهور الإسلام ، فلا ريب في عدم صحة هذا الكلام ، كما سنرى فيما يأتي . . ويؤيد أنه يقصد هذا الثاني : قوله : إنه كان قبل الإسلام منقولاً إليهم من السوريين [1] . فالظاهر : أنه قد تأثر بمزخرفات المستشرقين الذين يحاولون تعظيم وتضخيم دور أي من الأمم التي سبقت الإسلام بهدف التخفيف من عظمة البعث الإسلامي ، في مختلف المجالات ، وذلك لأهداف حقيرة لا تخفى . . وعلى كل حال . . فإن مطالعة معالم النهضة الإسلامية الطبية لخير دليل على كذب هذا الادعاء ، ولسوف يأتي بعض ما يشير إلى ذلك كما قلنا . أما الدكتور فيليب حتى فيقول : « أنشأ الطب العربي العلمي عن الطب السوري الفارسي ، الذي كان يقوم بدوره على أسس من الطب الإغريقي . وقد أشرنا سابقاً إلى ان الطب الإغريقي ذاته قد استقى كثيراً من الطب الشعبي القديم الذي كان معروفاً في الشرق الأدنى ، ولا سيما الطب المصري » [2] . ولكن ما ذكرناه نحن آنفاً هو الأكثر دقة في هذا المجال . . فإن الطب قد كان عند جميع الأمم ولكن بمستويات مختلفة ومتفاوتة ، وقد استطاعت جند يشابور أن تحتوي معظم نتاج الأمم السابقة ، ثم تصدر ما حصلت عليه إلى سائر الشعوب التي كانت بحاجة إلى مادة كهذه ومنها العرب ، وإن كان العرب
[1] دائرة معارف القرن العشرين ج 5 ص 655 . [2] موجز تاريخ الشرق الأدنى ص 191 .