نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 222
وأما ( المفتي ) فلا بد وأن يكون من أهل الاجتهاد ، وإنما يكون كذلك بأن يكون عارفا بالأدلة العقلية ، كأدلة حدوث العالم ، وأن له صانعا ، وأنه واحد متصف بما يجب له من صفات الكمال والجلال ، منزه عن صفات النقص والخلل ، وأنه أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم وأيده بالمعجزات الدالة على صدقه في رسالته ، وتبليغه للأحكام الشرعية ، وأن يكون مع ذلك عارفا بالأدلة السمعية وأنواعها ، واختلاف مراتبها في جهات دلالاتها ، والناسخ والمنسوخ منها ، والمتعارضات ، وجهات الترجيح فيها ، وكيفية استثمار الاحكام منها ، على ما سبق تعريفه ، وأن يكون عدلا ثقة حتى يوثق به فيما يخبر عنه من الأحكام الشرعية ، ويستحب له أن يكون قاصدا للارشاد وهداية العامة إلى معرفة الأحكام الشرعية ، لا بجهة الرياء والسمعة ، متصفا بالسكينة والوقار ، ليرغب المستمع في قبول ما يقول ، كافا نفسه عما في أيدي الناس ، حذرا من التنفير عنه . وأما ( المستفتي ) فلا يخلو إما أن يكون عالما قد بلغ رتبة الاجتهاد ، أو لم يكن كذلك : فإن كان الأول قد اجتهد في المسألة وأداه اجتهاده إلى حكم من الاحكام ، فلا خلاف في امتناع اتباعه لغيره في خلاف ما أداه إليه اجتهاده ، وإن لم يكن قد اجتهد فيها فقد اختلفوا في جواز اتباعه لغيره من المجتهدين فيما أدى إليه اجتهاده وقد سبق الكلام فيه بجهة التفصيل ، وما هو المختار . وإن لم يكن من أهل الاجتهاد فلا يخلو إما أن يكون عاميا صرفا ، لم يحصل له شئ من العلوم التي يترقى بها إلى رتبة الاجتهاد ، أو أنه قد ترقى عن رتبة العامة بتحصيل بعض العلوم المعتبرة في رتبة الاجتهاد : فإن كان الأول ، فقد اختلف في جواز اتباعه لقول المفتي ، والصحيح أن وظيفته اتباع قول المفتي على ما يأتي . وإن كان الثاني ، فقد تردد أيضا فيه ، والصحيح أن حكمه حكم العامي . وأما ما فيه ( الاستفتاء ) فلا يخلو إما أن يكون من القضايا العلمية ، أو الظنية الاجتهادية : فإن كان الأول ، فقد اختلف أيضا في جواز اتباع قول الغير فيه ، والحق امتناعه ، كما يأتي . وإن كان الثاني ، فهو المخصوص بجواز الاستفتاء عنه ووجوب اتباع قول المفتي . وإذ أتينا على ما حققناه فلنرجع إلى المسائل المتشعبة عنه وهي ثمان .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 222