نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 201
وأما ما يقال في هذه المسألة : للمجتهد الفلاني قولان ، فلا يخلو إما أن يكونا منصوصين في تلك المسألة ، أو أحدهما منصوص عليه والآخر منقول ، فإن كان الأول فلا يخلو إما أن يكون التنصيص عليهما في وقتين ، أو في وقت واحد فإن كان ذلك في وقتين ، فلا يخلو إما أن يكون التاريخ معلوما أو غير معلوم : فإن كان الأول ، فالقول الثاني ناسخ للأول ، وهو الذي يجب إسناده إليه ، دون الأول ، لكونه مرجوعا عنه . وإن قيل إن الأول قوله ، فليس إلا بمعنى أنه كان قولا له ، لا بمعنى انه الآن قوله ومعتقده ، وإن كان الثاني ، فيجب اعتقاد نسبة أحدهما إليه والرجوع عن الآخر ، وإن لم يكن ذلك معلوما ولا معينا . وعلى هذا ، فيمتنع العمل بأحدهما قبل التبيين ، لاحتمال أن يكون ما عمل به هو المرجوع عنه . وهذا ، كما إذا وجدنا نصين ، وعلمنا أن أحدهما ناسخ للآخر ، ولم يتبين لنا الناسخ من المنسوخ ، فإنه يمتنع العمل بكل واحد منهما ، لاحتمال أن يكون ما عمل به هو المنسوخ . وكذلك الراوي ، فإنه إذا سمع كتابا من الاخبار سوى خبر واحد منه ، وأشكل عليه ما سمعه عن غيره ، فإنه لا يجوز له رواية شئ منه ، لاحتمال أن يكون ذلك ما لم يروه . وأما إن كان التنصيص عليهما في وقت واحد ، فإما أن ينص على الراجح منهما بأن يقول : وهذا القول أولى ، أو يفرع عليه دون الآخر ، فيظهر من ذلك أن قوله وما يجب أن يكون معتقدا له هو الراجح دون المرجوح . وأما أن لا يوجد منه ما يدل على الترجيح ، كما نقل عن الشافعي ذلك في سبع عشرة مسألة ، فلا يخلو إما أنه ذكر ذلك بطريق الحكاية لأقوال من تقدم ، فلا تكون أقوالا له . وإما أن يكون ذلك بمعنى اعتقاده للقولين ، وهو محال . وذلك لان دليلي القولين إما أن يكون أحدهما راجحا على الآخر في نظره ، أو هما متساويان .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 201