نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 179
وتعذيبه على ذلك منهم مع العلم الضروري بأن كل من قاتله وقتله لم يكن معاندا بعد ظهور الحق له بدليله ، فان ذلك مما تحيله العادة . ولو كانوا معذورين في اعتقاداتهم ، وقد أتوا بما كلفوا به ، لما ساغ ذلك منه . وأما الاجماع فهو أن الأمة من السلف قبل ظهور المخالفين اتفقوا أيضا على قتال الكفار وذمهم ومهاجرتهم على اعتقاداتهم ، ولو كانوا معذورين في ذلك ، لما ساغ ذلك من الأمة المعصومة عن الخطأ . فإن قيل : أما الآية الأولى فغاية ما فيها ذم الكفار ، وذلك غير متحقق في محل النزاع ، لان الكفر في اللغة مأخوذ من الستر والتغطية ، ومنه يقال : لليل كافر ، لأنه ساتر للحوادث ، وللحارث كافر ، لسترة الحب ، وذلك غير متصور إلا في حق المعاند العارف بالدليل ، مع إنكاره لمقتضاه ، كيف وإنه يجب حمل هذه الآية ، والآيتين بعدها على المعاند دون غيره ، جمعا بينه وبين ما سنذكره من الدليل . وأما ما ذكرتموه من قتل النبي عليه السلام الكفار ، فلا نسلم أنه كان على ما اعتقدوه عن اجتهادهم ، بل على إصرارهم على ذلك ، وإهمالهم لترك البحث عما دعوا إليه والكشف عنه مع إمكانه . وأما الاجماع فلا يمكن الاستدلال به في محل الخلاف ، كيف وإنه يمكن حمل فعل أهل الاجماع على ما حمل عليه فعل النبي عليه السلام . ودليل هذه التأويلات أن تكليفهم باعتقاد نقيض معتقدهم الذي أدى إليه اجتهادهم ، واستفرغوا الوسع فيه ، تكليف بما لا يطاق ، وهو ممتنع ، للنص والمعقول . أما النص ، فقوله تعالى * ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) * ( البقرة : 286 ) .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 179