نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 2 صفحه : 194
المسألة الثالثة اتفق العقلاء على أن النهي عن الفعل يقتضي الانتهاء عنه دائما ، خلافا لبعض الشاذين . ودليل ذلك ، أنه لو قال السيد لعبده لا تفعل كذا وقدرنا نهيه مجردا عن جميع القرائن ، فإن العبد لو فعل ذلك في أي وقت قدر ، يعد مخالفا لنهي سيده ، ومستحقا للذم في عرف العقلاء وأهل اللغة . ولو لم يكن النهي مقتضيا للتكرار والدوام ، لما كان كذلك . فإن قيل : لا خفاء بأن النهي قد يرد ويراد به الدوام ، كما في النهي عن الربا وشرب الخمر ونحوه ، وقد يرد ولا يراد به الدوام ، كما في نهي الحائض عن الصوم والصلاة ونحوه ، والصورتان مشتركتان في طلب ترك الفعل لا غير ، ومفترقتان في دوامه في إحدى الصورتين ، وعدم دوامه في الأخرى . والأصل أن يكون اللفظ حقيقة فيهما من غير اشتراك ولا تجوز ، والدال على القدر المشترك لا يكون دالا على ما اختص بكل واحد من الطرفين المختلفين ، وأيضا فإنه لو كان النهي مقتضيا للدوام ، لكان عدم الدوام في بعض صور النهي على خلاف الدليل ، وهو ممتنع . قلنا : النهي حيث ورد غير مراد به الدوام ، يجب أن يكون ذلك لقرينة ، نظرا إلى ما ذكرناه من الدليل . وما قيل : إن ذلك يلزم منه الاشتراك أو التجوز . قلنا : وإن لزم منه التجوز ، وهو على خلاف الدليل ، لافتقاره إلى القرينة الصارفة ، غير أن جعله حقيقة في المرة الواحدة ، مما يوجب جعله مجازا في الدوام والتكرار لاختلاف حقيقيتهما . وليس القول بجعله مجازا في التكرار وحقيقة في المرة الواحدة أولى من العكس ، بل جعله حقيقة في التكرار أولى ، لامكان التجوز به عن البعض ، لكونه مستلزما له . ولو جعلناه حقيقة في البعض لما أمكن التجوز به عن التكرار لعدم استلزامه له ، وبه يندفع ما ذكروه من الوجه الثاني أيضا .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 2 صفحه : 194