نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1387
تؤخذ صفة فتضمّ إلى لازم آخر و آخر لتصير جملتها مختصّة بموصوف
فيتوصّل بذكرها إليه، كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوى القامة عريض الأظفار و
يسمّى هذه خاصّة مركّبة، و شرط هذين الكنايتين الاختصاص بالمكنى عنه.
الثانية الكناية المطلوب بها صفة من الصفات كالجود و الكرم و الشجاعة
و نحو ذلك، و هي ضربان، قريبة و بعيدة، فإن لم يكن الانتقال بواسطة فقريبة إمّا
واضحة إن حصل الانتقال منها بسهولة كطويل النّجاد و إمّا خفية كقولهم كناية عن
الأبله عريض القفا، فإن عرض القفا و عظم الرأس بالإفراط مما يستدلّ به على بلاهة
الرجل لكن في الانتقال نوع خفاء لا يطلع عليه كلّ أحد، و إن كان الانتقال من
الكناية إلى المطلوب بها بواسطة فبعيدة كقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فإنّه
ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدر، و منها إلى كثرة الطبخ و
منها إلى كثرة الضيفان و منها إلى المطلوب. و الثالثة المطلوب بها نسبة أي إثبات
أمر لأمر أو نفيه عنه كقول زياد الأعجم [1]:
إنّ السّماحة و المروءة و النّدى.
في قبّة ضربت على ابن الحشرج.
فإنه أراد أن يثبت اختصاص ابن الحشرج
[2] بهذه الصفات فترك التصريح بأن يقول إنّه مختصّ بها أو نحوه إلى
الكناية بأن جعلها في قبة مضروبة عليه. و الموصوف في هذين القسمين قد يكون مذكورا
كما مرّ و قد يكون غير مذكور كما يقال في عرض من يؤذي المسلمين المسلم من سلم
المسلمون من لسانه و يده فإنّه كناية عن نفي صفة الإسلام عن المؤذي و هو غير مذكور
في الكلام كذا في المطول. و قال في الإتقان استنبط الزمخشري نوعا من الكناية غريبا
و هو أن تعمد إلى جملة معناها على خلاف الظاهر فتأخذ الخلاصة من غير اعتبار
مفرداتها بالحقيقة و المجاز فتعبّر بها عن المقصود، كما تقول في نحو الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى[3]. إنّه كناية عن الملك فإن الاستواء على السرير لا يحصل إلّا مع
الملك، فجعل كناية عنه. و كذا قوله تعالى وَ الْأَرْضُ
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ[4] كناية عن عظمته و جلالته من غير ذهاب
بالقبض و اليمين إلى جهتين حقيقة و مجازا انتهى.
قال السّكّاكي الكناية تتفاوت إلى تعريض و تلويح و رمز و إيماء و
إشارة و المناسب للكناية العرضية و هي ما لم يذكر الموصوف فيها التعريض لأنّ
التعريض خلاف التصريح. يقال عرّضت لفلان و بفلان إذا قلت قولا لغيره و أنت تعيّنه
فكأنّك أشرت به إلى عرض أي جانب و تريد جانبا آخر، و المناسب لغير العرضية إن كثرت
الوسائط بين اللازم و الملزوم التلويح لأنّ التلويح هو أن تشير إلى غيرك من بعد و
إن قلّت الوسائط مع خفائه أي خفاء اللزوم فالمناسب الرمز لأنّ الرمز أن تشير إلى
قريب منك على سبيل الخفية لأنّه الإشارة بالشّفة و الحاجب و بلا خفاءه فالمناسب
الإيماء و الإشارة كذا في المطول.
[1] زياد الاعجم: هو زياد بن سليمان- أو سليم- الأعجم، أبو أمامة
العبدي، توفي نحو 100 ه/ نحو 718 م، مولى بني عبد القيس، شاعر أموي، فصيح، كان
هجاء. الأعلام 3/ 54، الأغاني 14/ 98. إرشاد الأريب 4/ 221، الشعر و الشعراء 165،
خزانة الأدب 4/ 193.
[2] ابن الحشرج: هو عبد اللّه بن الحشر بن الأشهب بن ورد الجعدي.
توفي نحو عام 90 ه/ 708 م. من سادات قيس و شعرائها. جواد، تولى لعبد الملك بن
مروان أعمال فارس و كرمان. الاعلام 4/ 82، الأغاني 10/ 144، معاهد التنصيص 2/ 174