نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1388
فائدة:
للناس في الفرق بين الكناية و التعريض عبارات متقاربة. فقال الزمخشري
الكناية ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له و التعريض أن يذكر شيئا يدلّ به على ذكر
شيء لم يذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك لأسلّم عليك فكأنّ إمالة
الكلام إلى عرض يدلّ على المقصود و يسمّى التلويح لأنّه يلوح منه ما تريده. و قال
ابن الأثير: الكناية ما دلّ على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة و المجاز بوصف
جامع بينهما و يكون في المفرد و المركّب، و التعريض هو اللفظ الدالّ على معنى لا
من جهة الوضع الحقيقي أو المجازي بل من جهة التلويح و الإشارة فيختصّ باللفظ
المركّب، كقول من يتوقّع صلة و اللّه إني محتاج فإنّه تعريض بالطلب مع أنّه لم
يوضع له حقيقة و لا مجازا، و إنّما فهم من عرض اللفظ أي جانبه. و قال السّبكي في
الفرق بينهما الكناية لفظ استعمل في معناه مرادا به لازم المعنى فهو بحسب استعمال
اللفظ في المعنى حقيقة و التجوّز في إرادة إفادة ما لم يوضع له، و قد لا يراد بها
المعنى بل يعبّر بالملزوم عن اللازم و هي حينئذ مجاز. و أمّا التعريض فهو لفظ
استعمل في معناه للتلويح بغيره نحو قوله تعالى
قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا[1] نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتّخذة آلهة كأنّه غضب أن تعبد الصغار
معه تلويحا لعابديها فإنّها لا تصلح للإلهية لما يعلمون إذا نظروا بعقولهم عن عجز
كبيرها عن ذلك الفعل، و الإله لا يكون عاجزا فهو حقيقة أبدا. و قال السّكّاكي
التعريض ما سبق لأجل موصوف غير مذكور، و منه أن يخاطب واحد و يراد غيره كذا في
المطول و الاتقان. و قال السّيّد السّند في توضيحه ما حاصله إن مقصود العلّامة
الزمخشري بيان الفرق بينهما فلا يرد النقض على حدّ الكناية بالمجاز، فإنّ ذكر
الشيء بغير لفظه الموضوع له حاصله استعمال اللفظ في غير ما وضع له، و ذكر شيء
يدلّ على شيء لم تذكره يفهم منه أنّ الشيء الأول مذكور بلفظه الموضوع له لأنّه
الأصل المتبادر عند الإطلاق.
و يفهم منه أيضا أنّ الشيء الثاني لم يستعمل فيه اللفظ و إلّا لكان
مذكورا في الجملة. و بالجملة فحاصل الفرق أنّه اعتبر في الكناية استعمال اللفظ في
غير ما وضع له و في التعريض استعماله فيما وضع له مع الإشارة إلى ما لم يوضع له من
السّياق. و كلام ابن الأثير أيضا يدلّ على أنّ المعنى التعريضي لم يستعمل فيه
اللفظ بل هو مدلول عليه إشارة و سياقا، و كذا كلام السّبكي بل تسميته تلويحا يلوح
منها ذلك، و كذلك تسميته تعريضا ينبئ عنه. و لذلك قيل هو إمالة الكلام إلى عرض أي
جانب يدلّ على المقصود، هذا هو مقتضى ظاهر كلام العلّامة.
و توضيحه أنّ اللفظ المستعمل فيما وضع له فقط هو الحقيقة المجرّدة و
يقابله المجاز لأنّه المستعمل في غير الموضوع له فقط، و الكناية اللفظ المستعمل
بالأصالة فيما لم يوضع له و الموضوع له مراد تبعا، و في التعريض هما مقصودان
الموضوع له من نفس اللفظ حقيقة أو مجازا أو كناية و المعرّض به من السياق،
فالتعريض يجامع كلا من الحقيقة و المجاز و الكناية. و إذا كانت الكناية تعريضية
كان هناك وراء المعنى الأصلي و المعنى المكنى عنه معنى آخر مقصود بطريق التلويح و
الإشارة، و كان المعنى المكنى عنه بينهما بمنزلة المعنى الحقيقي في كونه مقصودا من
اللفظ مستعملا هو فيه، فإذا قيل المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده و أريد به
التعريض بنفي الإسلام عن مؤذ معيّن فالمعنى الأصلي هاهنا انحصار الإسلام