responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 2  صفحه : 1373

متعارضين أحدهما أنّ كلام اللّه تعالى صفة له، و كلما هو كذلك فهو قديم فكلام اللّه تعالى قديم. و ثانيهما أنّ كلامه تعالى مؤلّف من أجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود، و كلما هو كذلك فهو حادث، فكلامه تعالى حادث، فافترق المسلمون إلى فرق أربع. ففرقتان منهم ذهبوا إلى صحّة القياس الأول و قدحت واحدة منهما في صغرى القياس الثاني و قدحت الأخرى في كبراه.

و فرقتان أخريان ذهبوا إلى صحّة الثاني و قدحوا في إحدى مقدمتي الأول. فالحنابلة صحّحوا القياس الأول و منعوا كبرى الثاني و قالوا كلامه حرف و صوت يقومان بذاته و إنّه قديم، و قد بالغوا فيه حتى قال بعضهم بالجهل الجلد و الغلاف قديمان. و الكرّامية صحّحوا القياس الثاني و قدحوا في كبرى الأول و قالوا كلامه حروف و أصوات و سلّموا أنها حادثة لكنهم زعموا أنّها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. و المعتزلة صحّحوا الثاني و قدحوا في كبرى الأول و قالوا كلامه حروف و أصوات لكنها ليست قائمة بذاته تعالى بل يخلقها اللّه تعالى في غيره كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي و هو حادث. و الأشاعرة صحّحوا القياس الأول و منعوا صغرى الثاني و قالوا كلامه ليس من جنس الأصوات و الحروف بل هو معنى قائم بذاته تعالى قديم مسمّى بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي الذي هو حادث و غير قائم بذاته تعالى قطعا، و ذلك لأنّ كلّ من يأمر و ينهي و يخبر يجد من نفسه معنى ثم يدلّ عليه بالعبارة أو الكتابة أو الإشارة و هو غير العلم إذ قد يخبر الإنسان عمّا لا يعلم بل يعلم خلافه، و غير الإرادة لأنّه قد يأمر بما لا يريده كمن أمر عبده قصدا إلى إظهار عصيانه و عدم امتثاله لأوامره و يسمّى هذا كلاما نفسيا على ما أشار إليه الأخطل‌ [1] بقوله:

إنّ الكلام لفي الفؤاد و إنّما

جعل اللسان على الفؤاد دليلا.

و قال عمر رضي اللّه عنه: إنّي زورت في نفسي مقالة. و كثيرا ما تقول لصاحبك إنّ في نفسي كلاما أريد أن أذكره لك. فلما امتنع اتصافه تعالى باللفظي لحدوثه تعيّن اتصافه بالنفسي إذ لا. اختلاف في كونه متكلّما.

و بالجملة فما يقوله المعتزلة و هو خلق الأصوات و الحروف و حدوثها فالأشاعرة معترفون به و يسمّونه كلاما لفظيا. و ما يقوله الأشاعرة من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته و لو سلّموه لم ينفوا قدمه فصار محلّ النزاع بينهم و بين الأشاعرة نفي المعنى النفسي و إثباته. فأدلتهم الدالة على حدوث الألفاظ إنّما تفيدهم بالنسبة إلى الحنابلة، و أمّا بالنسبة إلى الأشاعرة فيكون نصبا للدليل في غير محلّ النزاع، كذا في شرح المواقف و تمام التحقيق قد سبق في لفظ القرآن.

و قال الصوفية الكلام تجلّي علم اللّه سبحانه باعتبار إظهاره إيّاه، سواء كانت كلماته نفس الأعيان الموجودة أو كانت المعاني التي يفهمها عباده إمّا بطريق الوحي أو المكالمة أو أمثال ذلك لأنّ الكلام للّه تعالى في الجملة صفة واحدة نفسية، لكن لها جهتين: الجهة الأولى على نوعين. النوع الأول أن يكون الكلام صادرا عن مقام العزّة بأمر الألوهية فوق عرش الربوبية و ذلك أمره العالي الذي لا سبيل إلى مخالفته، لكن طاعة الكون له من حيث يجهله و لا يدريه، و إنّما الحقّ سبحانه يسمع كلامه في‌


[1] الاخطل: هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو التغلبي، أبو مالك. ولد عام 19 ه/ 640 و توفي عام 90 ه/ 708 م. شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، مداح هجاء، شكل مع الفرزدق و جرير ما عرف باسم المثلث الأموي. له ديوان شعر مطبوع. الاعلام 5/ 123، الأغاني 8/ 280، الشعر و الشعراء 189، خزانة الأدب 1/ 219، دائرة المعارف الاسلامية 1/ 515.

نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 2  صفحه : 1373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست