نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1221
للنفس تدرك الغائبات بنفسها و المحسوسات بالوسائط، و بصورة الشيء ما
يكون آلة لامتيازه سواء كان نفس ماهية الشيء أو شبحا له، و الظرفية على الحقيقة.
اعلم أنّ القائلين بأنّ العلم هو الصورة فرقتان. فرقة تدّعي و تزعم أنّ الصور
العقلية مثل و أشباح للأمور المعلومة بها مخالفة لها بالماهية، و على قول هؤلاء لا
يكون للأشياء وجود ذهني بحسب الحقيقة بل بحسب المجاز، كأن يقال مثلا النار موجودة
في الذهن و يراد أنّه يوجد فيه شبح له نسبة مخصوصة إلى ماهية النار، بسببها كان
ذلك الشبح علما بالنار لا بغيرها من الماهيات، و يكون العلم حينئذ من مقولة الكيف
و يصير العلم و المعلوم متغايرين ذاتا و اعتبارا. و فرقة تدّعي أنّ تلك الصورة
مساوية في الماهية للأمور المعلومة بها، بل الصور هي ماهيات المعلومات من حيث
إنّها حاصلة في النفس، فيكون العلم و المعلوم متّحدين بالذات مختلفين بالاعتبار. و
على قول هؤلاء يكون للأشياء وجودان خارجي و ذهني بحسب الحقيقة. و التعريف الثاني
للعلم مبني على هذا المذهب. و على هذا قال الشيخ؛ الإدراك الحقيقة المتمثّلة عند
المدرك. و الثاني لبعض المتكلمين من المعتزلة أنّه اعتقاد الشيء على ما هو به، و
المراد بالشيء الموضوع أو النسبة الحكمية أي اعتقاد الشيء على وجه ذلك الشيء
متلبّس به في حدّ ذاته من الثبوت و الانتفاء. و فيه أنّه غير مانع لدخول التقليد
المطابق فزيد لدفعه عن ضرورة أو دليل أي حال كون ذلك الاعتقاد المطابق كائنا عن
ضرورة أو دليل و اعتقاد المقلّد، و إن كان ناشئا عن دليل لأنّ قول المجتهد حجة
للمقلّد إلّا أنّ مطابقته ليست ناشئة عن دليل، و لذا يقلده فيما يصيب و يخطئ، لكنه
بقي الظّنّ الصادق الحاصل عن ضرورة أو دليل ظنّي داخلا فيه، إلّا أن يخصّ الاعتقاد
بالجازم اصطلاحا. و يرد أيضا عليهم خروج العلم بالمستحيل فإنّه ليس شيئا اتفاقا، و
من أنكر تعلّق العلم بالمستحيل فهو مكابر للبديهي و مناقض لكلامه، لأنّ هذا الإنكار
حكم على المستحيل بأنّه لا يعلم فيستدعي العلم بامتناع الحكم على ما ليس بمعلوم،
إلّا أن يقال المستحيل شيء لغة و لو مجازا، و فيه أنّه يلزم حينئذ استعمال المجاز
في التعريف بلا قرينة. و أيضا يرد عليهم خروج العلم التصوّري لعدم اندراجه في
الاعتقاد فإنّه عبارة عن الحكم الذهني. و الثالث للقاضي أبي بكر الباقلاني أنّه
معرفة المعلوم على ما هو به فيخرج عنه علم اللّه تعالى إذ لا يسمّى علمه معرفة
إجماعا لا لغة و لا اصطلاحا مع كونه معترفا بأنّ للّه تعالى علما حيث أثبت له
تعالى علما و عالمية و تعلّقا إمّا لأحدهما أو لكليهما كما سيجيء، فيكون العلم
المطلق مشتركا معنويا عنده بين علم الواجب و علم الممكن، فلا بدّ من دخوله في
تعريف مطلق العلم بخلاف المعتزلة فإنّهم لا يعترفون العلم الزائد و يقولون إنّه
عين ذاته تعالى. فلفظ العلم عندهم مشترك لفظي، فالتعريف المذكور يكون لمطلق العلم
الحادث إذ لا مطلق سواه، و لذا لم يورد النقض عليهم بعلمه تعالى و أيضا ففيه دور
إذ المعلوم مشتق من العلم و معناه ما من شأنه أن يعلم أي أن يتعلّق به العلم، فلا
يعرف إلّا بعد معرفته.
و أيضا فقيد على ما هو به قيد زائد إذ المعرفة لا تكون إلّا كذلك لأنّ
إدراك الشيء لا على ما هو به جهالة لا معرفة، إذ لا يقال في اللغة و العرف و
الشرع للجاهل جهلا مركّبا أنّه عارف.
كيف و يلزم حينئذ أن يكون أجهل الناس أعرفهم. و الرابع للشيخ أبي
الحسن الأشعري فقال تارة بالقياس إلى متعلّق العلم هو إدراك المعلوم على ما هو به
و فيه دور، و تارة بالقياس إلى محلّ العلم هو الذي يوجب كون من قام به عالما و
بعبارة أخرى هو الذي يوجب لمن قام به
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1221